لا يمكن لأحد أن يتهم ليفربول بأنّه يفتقر إلى الطموح. فبعد شهر واحد فقط من تحطيمه الرقم القياسي في تاريخه بالتعاقد مع صانع الألعاب الألماني فلوريان فيرتز من باير ليفركوزن مقابل حوالى 116 مليون جنيه إسترليني، يستعد بطل الدوري الإنكليزي للذهاب إلى أبعد من ذلك من أجل الظفر بالمهاجم رقم 9 الذي تحلم به جماهيره.
لم يُقدّم ليفربول عرضاً رسمياً بعد لنيوكاسل لضمّ السويدي ألكسندر إيزاك، لكنّ النادي عبّر عن رغبته في إبرام صفقة تقترب قيمتها من 120 مليون جنيه إسترليني.
ولا يزال نيوكاسل متمسّكاً بموقفه الرافض لبيع المهاجم السويدي الغزير التهديف، إذ تبقّى في عقده 3 سنوات. ومع ذلك، فإنّ إدارة «ماكبايز» لديها الكثير لتفكر فيه، خصوصاً مع سعيها للتوقيع مع الفرنسي هوغو إيكيتيكي، مهاجم آينتراخت فرانكفورت، مقابل نحو 65 مليون جنيه إسترليني.
وإذا أصرّ نيوكاسل على عدم بيع إيزاك حتى مقابل رقم قياسي بريطاني، فقد يتحوّل اهتمام ليفربول نحو إيكيتيكي. وهو سباق يثق النادي الأحمر بقدرته على الفوز به، على رغم من أنّه لم يخطُ أي خطوة رسمية حتى الآن. قدّم الفرنسي (23 عاماً) موسماً رائعاً، سجّل فيه 22 هدفاً في جميع المسابقات. ويفاوض فرانكفورت على صفقة تبلغ قيمتها نحو 90 مليون جنيه إسترليني.
ما هو واضح أنّ هناك أمراً لا بُدّ أن يتغيّر، إذ يبدو من المستبعد أن يحتفظ نيوكاسل بإيزاك ويتعاقد مع إيكيتيكي في آنٍ. ويبقى أن نرى ما إذا كان إيزاك سيبدأ بالضغط للمغادرة، وكيف سيؤثر ذلك على موقف نيوكاسل.
كما يجب أخذ قواعد الربح والاستدامة (PSR) في الاعتبار، خصوصاً مع الأرباح الكبيرة التي سيحققها نيوكاسل من بيع إيزاك الذي ضمّه من ريال سوسيداد مقابل 60 مليون جنيه قبل 3 سنوات.
في «أنفيلد»، يعرف كبار المسؤولين منذ وقت طويل أنّ محاولة التعاقد مع السويدي (25 عاماً) هذا الصيف ستكون مهمّة صعبة، خصوصاً بعد أن ضَمَن نيوكاسل عائدات مالية كبيرة من التأهل إلى دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل.
لكنّهم على حق في اختبار صلابة موقف نيوكاسل، لأنّ إيزاك يُعدّ المهاجم الأكثر تكاملاً راهناً. لا تنتقل إلى الخطة «ب» قبل أن تتأكّد تماماً من أنّ الخطة «أ» أصبحت بعيدة المنال. وسيتّضح الجواب قريباً.
فقط المصري محمد صلاح (29 هدفاً) تفوّق على حصيلة إيزاك التهديفية في الـ»بريميرليغ» الموسم الماضي (23 هدفاً). وسجّل إيزاك 62 هدفاً في 109 مباريات مع نيوكاسل، وهو رقم مذهل. وقد أذاق ليفربول طعم المعاناة بنفسه، إذ سجّل في التعادل 3-3 على ملعب «سانت جيمس بارك» في كانون الأول، وكرّر الأمر بعد 3 أشهر في نهائي كأس الرابطة في «ويمبلي». كما سجّل في مرمى ليفربول خلال كل من الموسمَين السابقَين. بحركته، ولياقته البدنية، وفعاليّته أمام المرمى، سيكون إضافة مثالية لفريق المدرب أرني سلوت.
ومع ذلك، تبقى مسألة الانتقالات حساسة في ليفربول بعد وفاة ديوغو جوتا، إلى جانب شقيقه أندريه سيلفا، في حادث سيارة في إسبانيا. فلا يزال اللاعبون والطاقم يستوعبون خسارة زميل وصديق محبوب، والأجواء بعيدة تماماً عن كونها طبيعية، وهم يستعدّون للسفر يوم الأحد في جولة تحضيرية تشمل مباراتَين في هونغ كونغ واليابان.
لكنّ السعي لضمّ مهاجم جديد كان مدرجاً على جدول الأعمال طوال الصيف، خصوصاً مع اقتراب رحيل المهاجم الأوروغوياني داروين نونيز الذي جذب اهتمام نابولي الإيطالي والهلال السعودي.
من جهته، كان المدير الرياضي ريتشارد هيوز يتعامل أيضاً مع مطاردة بايرن ميونيخ المستمرة للويس دياز، لكن رُفض عرض بقيمة 59 مليون جنيه إسترليني، وأكّد ليفربول أنّ الكولومبي ليس للبيع. وقدّم دياز أفضل مواسمه الثلاثة مع الفريق، بتسجيله 17 هدفاً في 50 مباراة.
ويعتبر ليفربول أنّ محاولة الهلال الفاشلة للتعاقد مع برونو فرنانديز من مانشستر يونايتد مقابل 100 مليون يورو في وقت سابق من الصيف، تشكّل معياراً للقيمة السوقية للاعب بحجم دياز.
ويرغب دياز في خوض تحدٍ جديد، لكنّه مرتبط بعقد يمتد لعامَين آخرَين، ويجب أن يأخذ في الاعتبار الصورة التي قد يتركها في حال حاول فرض الرحيل في ظل الوضع الحالي المحيط بالنادي، حتى لا يُفسد علاقته بالجماهير.
ومع ذلك، لا شك في أنّ مطاردة ليفربول لإيزاك، بعد فترة قصيرة من ضمّ فيرتز، تُبرز مدى إصراره على البناء على الفوز بلقب الدوري في موسم سلوت الأول.
وقد جعلت صفقات فيرتز، جيريمي فريمبونغ (35 مليون يورو)، ميلوش كيركيز (40 مليون جنيه)، جيورجي مامارداشفيلي (25 مليوناً)، وأرمين بيتشي (1,5 مليون)، من نافذة الانتقالات هذه الأضخم في تاريخ ليفربول. ومع أنّ النادي جنى ما يصل إلى 64 مليون جنيه من المبيعات (وهو رقم مرشح للارتفاع)، فإنّ بلوغ حجم الإنفاق حاجز 300 مليون عبر ضمّ إيزاك أيضاً سيكون إعلاناً صريحاً عن النوايا.
وكما هو الحال مع فيرتز، فإنّ إيزاك سيكون مثالاً آخر على تعاقد ليفربول مع لاعب جاهز تماماً. وهو أمر لم يفعله النادي منذ أن ضمّ الحارس أليسون بيكر من روما صيف 2018، بعد 6 أشهر من التعاقد مع فيرجيل فان دايك.
خلال حقبة يورغن كلوب، كان ليفربول يعتمد غالباً على شراء المواهب الواعدة وتطويرها لتصبح ضمن النخبة. كيركيز (21 عاماً) يندرج ضمن هذه الفئة، إذ يمتلك خبرة لا بأس بها على المستوى العالي، لكنّه لا يزال يملك هامشاً كبيراً للتطوّر. فريمبونغ يمتلك سجلاً أقوى، لكنّه لا يزال شاباً أيضاً (24 عاماً)، ويملك الوقت والإمكانات للتحسن أكثر ممّا كان عليه مع ليفركوزن.
أمّا فيرتز وإيزاك، فهما من نوعية النجوم الكبار الذين يمكنهم حجز مكانهم في أي فريق من النخبة مباشرة. ويدل سعرهما المرتفع على ذلك بوضوح. ومن المغري تخيّل فيرتز خلف ثلاثي هجومي يتكوّن من صلاح، إيزاك، وإمّا دياز أو كودي غاكبو. وإذا لم يتمكّن ليفربول من حسم صفقة السويدي، فإنّ إيكيتيكي لا يزال سيمثّل ترقية كبيرة.