داخل العالم السرّي للقمصان المزيفة لكرة القدم
آدم ليفينثال- نيويورك تايمز
Thursday, 10-Jul-2025 06:49

هل سبق لك أن اشتريت قميص كرة قدم مُزيَّفاً؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت لست وحدك.

أجرى موقع The Athletic استطلاعاً شمل ما يقرب من 300 مشجّع من جميع أندية الدوري الإنكليزي الممتاز الـ20، سواء بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الموسم، وأقرَّ 52% منهم بأنّهم اشتروا قميصاً مزيّفاً عن عمد. ومن بين هؤلاء، أكّد أكثر من 80% أنّهم سيُكرّرون ذلك. لماذا؟ لأنّ السعر الأصلي مرتفع جداً.

 

يمكن أن يُكلّف القميص الرسمي لأندية الـ«بريميرليغ» 85 جنيهاً إسترلينياً (107 دولارات) لكل واحد - أو يصل إلى 125 جنيهاً إسترلينياً إذا كنت ترغب في الحصول على نسخة اللاعبين عالية الجودة - قبل التخصيص. أمّا القمصان المزيّفة، فيمكن أن تصل أسعارها إلى 8 جنيهات إسترلينية فقط.

 

أنفق مشجّعو الـ«بريميرليغ» أكثر من 180 مليون جنيه إسترليني على شراء القمصان المزيّفة الموسم الماضي، أي ما يُمثل ثلث سوق المنتجات الأصلية (489 مليون جنيه إسترليني). وارتفعت عمليات البحث عبر الإنترنت عن القمصان المزيّفة بنسبة 518% بين عامَي 2021 و2024، ويُقدَّر أنّ 16,2 مليون قميص تُنتَج سنوياً، وفقاً لتحليلات شركة Corsearch.

 

يؤكّد المؤثر على «تيك توك» بيزي: «أنا والعديد من أصدقائي نفعل ذلك، لأنّنا ببساطة لا نستطيع تبرير إنفاق 80 إلى 120 جنيهاً إسترلينياً على قميص كرة قدم، عندما يمكنك الحصول على 10 مقابل السعر عينه. إنّهم لا يشعرون بالراحة حيال ذلك، لكنّهم يضطرّون إلى تجاهل ما يعرفون أنّه خطأ على الأرجح، بسبب مدى صعوبة الحصول على قمصان كرة القدم الآن. الأسعار فاحشة».

 

لا يُعدّ شراء قميص كرة قدم مزيّف لاستخدامك الشخصي أمراً غير قانوني في المملكة المتحدة، لكن هل تعرف حقاً ما الذي تشتريه عندما تساوم على طقم أثناء عطلتك، أو تعتقد أنّك وجدت صفقة عبر الإنترنت، أو تلتقط قميصاً رخيصاً في السوق المحلي؟ وأين تذهب أموالك بعد ذلك؟

 

أجرى موقع The Athletic تحقيقاً استمر 9 أشهر داخل صناعة القمصان المزيّفة لكرة القدم، بدءاً من مداهمة للشرطة في شمال لندن وصولاً إلى مالطا، حيث يحاول المسؤولون اعتراض شحنات كبيرة قادمة من آسيا، وكذلك عبر الإنترنت، حيث تُباع المنتجات المزيّفة علناً.

 

يعتبر الدكتور أولريكا بونييه، الخبير الدولي في الفساد والتجارة غير المشروعة والاتجار بالبشر، أنّ «شراء القميص المزيّف ليس جريمة بلا ضحايا».

 

يُضيف ستيف لامار، الرئيس التنفيذي لجمعية الملابس والأحذية الأميركية (AAFA): «ارتداء هذا المنتج يعني أنّك في الواقع تُعرِّض نفسك إلى السموم. المنتجات المزيّفة ليست شيئاً رائعاً. أنت تشتري انتهاكات لسلامة المنتجات وتلوّثاً للبيئة. لا يمكنك أن تكون حامياً جيداً للاقتصاد والبيئة والكوكب بينما ترتدي المنتجات المزيّفة. هذه أفكار متناقضة».

 

أخبر الـ«بريميرليغ» موقع The Athletic أنّه يأخذ هذه القضية «على محمل الجدّ» لمحاولة حماية المشجّعين من القمصان المزيّفة. ساعد برنامج مكافحة التزييف التابع للدوري في مصادرة 400 ألف قميص مزيّفة بقيمة 28 مليون جنيه إسترليني الموسم الماضي، وإزالة 180 ألف قائمة على الإنترنت بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني أخرى.

 

في مانشستر، شمال ملعبَي «أولد ترافورد» و«الاتحاد» الخاصَين بيونايتد وسيتي توالياً، تقع منطقة تشيثام هيل، التي كانت تحمل سابقاً لقب «عاصمة التزييف في أوروبا». جال موقع The Athletic في المنطقة مع المفتش أندرو توركينغتون من شرطة مانشستر الكبرى في تشرين الأول، بدءاً من طريق بيري نيو، المعروف باسم «شارع المنتجات المزيّفة».

 

يُقرّ توركينغتون: «كان هناك مئات الآلاف من الأشخاص على زوايا الشوارع مع مراقبين لتحديد الشرطة وإدخالك إلى المباني لشراء المنتجات المزيّفة. عند الدخول، كانت هناك أسلاك تتدلى، وكان المكان مظلماً من دون نوافذ، وكانت الأبواب تُغلق خلفك. وإذا اندلع حريق، فسيكون من الصعب جداً الخروج».

 

ويشير إلى أنّ بعض المتاجر كانت تحقق أرباحاً تتراوح بين «30,000 إلى 40,000 جنيه إسترليني أسبوعياً نقداً. كانت تلك الأموال تُستخدم في تمويل الجرائم الخطيرة والعنيفة».

 

عام 2022، بدأت عملية «فولكان» كخطة طموحة لمدة 3 سنوات لتنظيف المنطقة، عبر مصادرة أكثر من 1,100 طن من المنتجات المزيّفة من أكثر من 200 متجر، بقيمة تقدّر بأكثر من 130 مليون جنيه إسترليني. لكن مع إغلاق أحد مراكز بيع القمصان المزيفة، يظهر آخر.

 

بعد تنظيف تشيثام هيل، زادت مبيعات القمصان المزيّفة في منطقة كامدن السياحية شمال لندن، حيث تُعرَض بوضوح في عدد كبير من المتاجر هناك.

 

تقوم الشرطة بمداهمات منتظمة. ففي كانون الثاني، عثرت على 3,500 قميص مزيّفة بقيمة تقارب 1,5 مليون جنيه إسترليني في موقعَين. كان أحدهما يحتوي على أبواب سرّية تُخفي كميات كبيرة من المخزون.

 

زار موقع The Athletic متجراً تمّت مداهمته حديثاً كجزء من التحقيق، ووجده قد عاد إلى العمل مرّة أخرى ويبيع القمصان المزيّفة.

 

تواصل المشكلة الانتشار عالمياً، وتحتل الصين المرتبة الأولى في قائمة الأسواق الأكثر شهرة في إنتاج المنتجات المزيّفة، إذ توفّر 90% من السلع المزيّفة التي تُضبَط على الحدود الأميركية.

 

تستمر السلطات في جميع أنحاء العالم في محاولة التصدّي لهذه الظاهرة، لكن طالما أنّ أسعار القمصان الرسمية مرتفعة، يبدو أنّ السوق الموازية ستظل مزدهرة.

 

توضّح إلكي بيشل، الرئيسة التنفيذية لشركة Risiko Tech المتخصِّصة في مكافحة الجرائم المالية: «هناك الكثير من عمليات الاحتيال. إذا تعاملت مع هؤلاء الأشخاص، فأنت لا تعرف كيف ستُستخدَم بياناتك».

 

يبقى السؤال: هل ينبغي أن تكون هناك حدود للأسعار الرسمية لقمصان الـ«بريميرليغ»؟

 

استفسر The Athletic من جميع أندية الـ«بريميرليغ» عمّا إذا كانوا سيؤيّدون تحديد سقف للأسعار، لكنّ اثنَين فقط ردّا، في حين رفض 4 (ليفربول، توتنهام ، وست هام، وليستر سيتي) التعليق.

 

في النهاية، تبقى القمصان المزيّفة خياراً مغرياً للجماهير، لكن مع تكاليف اجتماعية وبيئية وأخلاقية يجب أخذها في الاعتبار.

الأكثر قراءة