السباق الذي أضاء عتمة 2026
لانا نجدي
Tuesday, 01-Jul-2025 06:47

في زحمة الضباب الذي يلفّ مستقبل الفورمولا 1، وسط صمت ما قبل الانفجار المنتظر في 2026، جاء سباق النمسا كوميض خاطف. سباقٌ لم يكن مجرّد معركة على النقاط، بل لحظة انكشاف... انكشافٌ لقوى تصعد، وأخرى تتداعى، لأسماء تتألّق في ظل الفوضى، ولأبطال سابقين بدأ وهجهم يخفت.

في رد بول رينغ، على أرض الفريق الذي اعتاد السيطرة، تغيّرت المعادلات فجأة، وتقدّمت ماكلارين لتقول: «نحن هنا... ونحن قادمون».

 

ماكلارين تُشعل الحلبة وتُطفئ هيبة رد بول

لم تكن بداية السباق تحتاج لأكثر من لفّة حتى تبدأ الدراما. لكن قبل اللفة، كانت لفة التكوين مدوّنة بل اللون الأزرق، عندما تعطّلت سيارة الإسباني كارلوس ساينز، فريق ويليامز، بسبب مشاكل الفرامل.

 

أمّا في اللفة الأولى، ماكس فيرشتابن، البطل الذي لا يُقهر، وجد نفسه خارج السباق بعد حادث اصطدام بكيمي أنتونيللي، السائق الجديد لمرسيدس الذي عانى من قفل بالفرامل.

 

في المنعطف الثالث، انغلق الخط على الإيطالي الشاب، ما أدّى إلى تلامس عجلات عنيف أخرج الاثنين من السباق. لكنّ المشكلة لم تتوقف عند فيرستابن وحسب، بل وصلت إلى يوكي تسونودا، الذي كان يُمنّي النفس بالحصول على فرصة في الفريق الأول، وهذا الموسم أهلك الفريق، خصوصاً بعد مجزرة ماكس في أوّل السباق، حين حصد تسونودا نقطتَي جزاء وعقوبة زمنية قدرها 10 ثوانٍ لاصطدامه بفرانكو كولابينتو في المنعطف الرابع، منهياً بذلك أي فرصة ضئيلة للحصول على نقطة.

 

الضوء لونه برتقالي ولكن...

كان شعاع الضوء الذي يحمل الفورمولا 1 إلى عام 2026 برتقالياً، وتمكن بياستري من البقاء في عرش البطولة، لكن على حساب زميله في الفريق. لا شك أنّ البابايا تهيمن، لكنّ المنافسة الحقيقية تحدث داخلياً.

 

لاندو نوريس قدّم أداءً يُدرّس، منذ أن بدأ في المركز الأول، فيما كان زميله أوسكار بياستري يلعب دور المفترس. دفع بياستري حدوده، وكان من الممكن أن يكون الأمر كارثياً لأنّه حاول تجاوز زميله في ماكلارين لاندو نوريس، لكنّه أغلق عجلاته وانحرف بشكل خطير.

 

لكن السؤال يطرح نفسه هنا، هل صعود ماكلارين هو لحظة استثنائية في موسم مضطرب، أم أنّنا أمام نهوض جادّ لفريق يُعيد كتابة تاريخه؟ ما يعزّز هذا الشك هو الأداء المتماسك منذ جائزة ميامي، مروراً بكندا، والآن النمسا. ماكلارين لا تكتفي بالمنافسة ضدّ الفرق فقط، لكن مع السائقين.

 

ما خلف الكواليس

تحطّمت آمال ريد بول بعد التعثّر في الجولة النمساوية؛ ما أظهر هشاشة فنية بلا أدريان نيوي ومن دون استقرار في تشكيلة المصمّمين. فبعد حادثة تصادم فيرستابن مع أنتونيلّي، ارتفعت أصوات في أروقة الفريق، ومع هذا كلّه لم يتأثر فيرستابن، حركة بارزة قام بها توتو وولف؛ بدأ محادثات حذرة مع فيرستابن، فيما قال إنّ صعوداً محتملاً عند تجديد العقد لا يزال مطروحاً.

 

والأهم من ذلك، هو طرح السؤال: هل يُضحّي الإنكليزي جورج راسل أو الشاب أنتونيلّي لمصلحة نجم؟ تشير التحليلات إلى أنّ الخلافات السابقة بين راسل وفيرستابن ليست سوى تمهيد للصفقة السياسية الكبرى.

 

من يملك مفاتيح الغد؟

كل ما يحدث اليوم يجب أن يُقرأ من منظار 2026. التغييرات المرتقبة في اللوائح التقنية ليست مجرّد تحسينات، بل هي ثورة شاملة: سيارات أخف، طاقة هجينة تمثّل نصف الأداء، وقود مستدام بالكامل، وهندسة تهدف لسباقات أكثر تقارباً وتشويقاً.

هذا التغيير قد يكون هدية لماكلارين، وقد يكون بداية تعثّرها إن لم تُحسن التأقلم.

 

حين يقترب الغد تتساقط الأقنعة

 

كل فريق اليوم يقاتل على جبهتَين: نتائج الحلبة، وتحالفات ما خلفها. 2026 ليس موعداً فقط للسيارات الجديدة، بل نقطة انعطاف لمنظومة كاملة من القوى.

 

مَن يبني اليوم على صلابة الرؤية سيحصد الغد، ومَن يتردّد... قد يجد نفسه خارج الخارطة الجديدة. السياسة بدأت تتقدّم على السرعة، والمستقبل لن ينتظر أحداً.

الأكثر قراءة