ما هي رسائل التصعيد؟
عماد مرمل
Tuesday, 27-Feb-2024 06:40

شكّل إسقاط المقاومة مسيّرة اسرائيلية متطورة وقصف العدو لمنطقة بعلبك، علامتين لافتتين في سياق المواجهات بين «حزب الله» وجيش الاحتلال.. فهل هذا مؤشر الى مزيد من التدحرج المتدرج نحو الحرب الواسعة؟ ام انّ التصعيد المستجد لا يلغي فعالية الضوابط الكابحة للأسوأ؟

اكتسبت عملية إسقاط المسيّرة «هرمز 450» المتعددة المهمّات بصاروخ أرض - جو، أهمية خاصة تنبع من كون هذه الضربة النوعية تعكس من جهة إصرار الحزب على الارتقاء المدروس في العمليات كلما تجاوز العدو قواعد المواجهة، وتُظهر من جهة أخرى «عينة» إضافية من القدرات العسكرية الكبيرة التي يملكها «حزب الله»، ولا تزال غالبيتها طي الكتمان.

 

ولعلّ ما يجدر التوقف عنده في هذا الإطار هو اعلان وحدة «الدفاع الجوي» في المقاومة عن تنفيذ الهجوم الناجح، مع ما تختزنه هذه التسمية في حدّ ذاتها من دلالات ظاهرة وإمكانات كامنة.

 

ويبدو واضحاً عبر سلوك الحزب الميداني انّه يحرص على حرمان الاحتلال من استعادة المبادرة وترميم هيبة الردع، انما في الوقت نفسه من دون أن يكون هو البادئ في الانزلاق الى الحرب الشاملة، تاركاً للعدو ان يتحمّل المسؤولية الكاملة عن مثل هذا الانزلاق اذا أساء التقدير، وعندها سيتحرّر الحزب من كل قيد وسيلعب ما خفي من أوراقه العسكرية القوية.

 

اما الغارات الإسرائيلية على بعلبك فتندرج، وفق اوساط قريبة من الحزب، في سياق محاولة العدو الاستفادة من تجميد مفاعيل قواعد الاشتباك التي كانت سائدة من العام 2006 حتى 8 تشرين 2023، لقصف أهداف يظن انّها حيوية ولم يكن يتجرأ على ضربها في السابق، مفترضاً انّ تحرّره من قيود مرحلة ما قبل انخراط جبهة الجنوب في إسناد غزة، يضعه امام فرصة ذهبية لإضعاف القدرات القتالية النوعية لدى الحزب سواءً على مستوى الكوادر البشرية ام على مستوى العتاد العسكري.

 

بطبيعة الحال، لجأ الحزب في المقابل الى التوسعة المدروسة في ردوده على تمدّد الاعتداءات الاسرائيلية، فكانت عملياته الفارقة ضدّ مواقع استراتيجية بعيدة من الحافة الحدودية، في صفد وميرون وطبريا والجولان المحتل الذي تكرّر قصفه في الأمس، خلافاً لتوقعات قيادة الكيان التي كانت تستبعد ان يصل الحزب إلى هذه المسافات.

 

وتلفت الاوساط الى انّ الحرب الحالية هي سجال، والأمور تقاس في خواتيمها، مشدّدة على انّ الاحتلال الإسرائيلي لن يكون قادراً على إعادة المستوطنين الى مستعمراتهم في شمال فلسطين المحتلة قبل وقف العدوان على قطاع غزة.

 

وتوضح الاوساط القريبة من الحزب، انّه اذا تمّ التوصل إلى هدنة في غزة فإنّه سيلتزم بها، واذا تمّ التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم هناك فسيسري عليه هنا أيضاً، أما في حال قرّر العدو مواصلة اعتداءاته على لبنان فستكون له المقاومة بالمرصاد.

 

ولا تتعامل الاوساط بكثير من الجدّية مع تهديد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بالاستمرار في مهاجمة الحزب بعد حصول التهدئة في غزة، مشيرةً الى انّ ما يطرحه الموفدون الأوروبيون مغاير لموقف غالانت.

 

وتميل الاوساط الى الاستنتاج، بأنّه وعلى رغم من ارتفاع منسوب الغليان الميداني، لا يزال احتمال اندلاع حرب شاملة مستبعداً حتى الآن، مع الأخذ في الحسبان أنّ وجود مسؤولين متهورين في قيادة الكيان يستوجب الإبقاء على الحذر، وبالتالي التحسب لكل الاحتمالات.

الأكثر قراءة