هذا ما تتعرّض له في الباصات والسيارات العامّة
اليسار حبيب
Sunday, 07-Apr-2013 23:42
مضايقات وإستفزازات... كلمات غزلية أو إباحية قد تمتدّ لتصل الى التحرّشات الخفيفة والمتوسّطة أو حتّى التحرّشات الفعلية... هذا ما تتعرّض له المرأة اللبنانية إذا إستقلّت وسائل النقل العامة، وكأن من يستقلّ هذه الوسائل يصبح بدوره عاماً ومشرّعاً للجميع.
الباصات وغيرها من وسائل النقل العامة وُجدت لتخدم المواطنين وتوفّر عليهم المال والوقت، ولو أن جميع اللبنانيين يستخدمونها ربّما لما كنا شهدنا هذا الإزدحام الخانق يومياً والذي يمتدّ منذ بزوغ الفجر حتى ساعات متأخرّة من الليل، وما كانوا عانوا أيضاً من إرتفاع سعر صفيحة البنزين أو المازوت ولكانوا صبّوا أموالهم وإهتماماتهم على أمور أكثر أهمية.

ولكنّ هذه الوسيلة التي وجدت لتخدم المواطن وتخفف عنه ثقل الأعباء اليوميّة، نراها أنتجت مشاكل أخرى وأكثر أهمية من توفير الوقت ووقف هدر المال، فقد أنتجت الكثير من محاولات التحرّش التي وصل بعضها الى محاولات إغتصاب وخطف أيضاً، ما زرع الرعب في نفوس المرأة اللبنانية وذويها.

فمن الكلمات الغزلية كـ "يا قشطة" و"يا عسل" و"يقبرني جمالك"... وغيرها التي يتمّ الاستعانة بها بالأنبياء والقدّيسين مثل "يا عذرا" و"يا محمّد"، و"سبحان من خلقك"... وصولاً الى محاولات التحرّش الجنسي، دقّت المرأة اللبنانية ناقوس الخطر فهل من يستجيب؟

القصير... ممنوع

أوّل قاعدة تتعلّمها الفتاة إذا أرادت أن تستقلّ "تاكسي" أو باصاً لتصل الى جامعتها أو مكان عملها أو ربّما لملاقاة صديقاتها والتسوّق، هي عدم ارتداء التنانير القصيرة والشورتات والقمصان الصيفية المكشوفة اليدين، حتّى ولو كانت درجة الحرارة مرتفعة جدّاً.

وذلك لأن مظهر السيقان الرفيعة أو المكتنزة والأيادي المكشوفة قد يثير شهوة أحد الرجال الذين يستقلّون وسيلة النقل ذاتها، فيشلّ عقله عن التفكير وتتجمّد إنسانيّته ولا يعود يشعر إلّا بهذه الرجولة المتعلّقة بالشهوة الجنسية. وإذا تعرّضت للتحرّش فهي التي تلام إذ إنها "إستفزّته" بمظهرها هذا.

وفي الكثير من الأحيان أيضاً تتعرّض المرأة التي تغطّيها ملابسها من رأسها الى أخمص قدميها، الى مضايقات في وسائل النقل العامة، وذلك لأن ثمّة رجالاً يشعرون بشيء - ليس له علاقة بالانسانية- يتحرّك في داخلهم بمجرّد أن يقع نظرهم على إمرأة ما.

فكم هو عدد الفتيات القاصرات أو حتّى الشابات المسنّات والنساء المتزوّجات والأمّهات اللواتي تعرّضن الى محاولات للتحرّش ومضايقات كلامية؟
وللاستطلاع أكثر حول هذا الموضوع، كان لـ"لجمهورية" لقاء مع عدد من الفتيات اللواتي كنّ ضحايا وسائل النقل العامة و"مرض"
بعض مستقلّيها.

فجأة أصبحت يده تحت مقعدي

"منذ أن تعرّضت للتحرّش في المرّة الأولى لم أعد أستخدم وسائل النقل العامة" تؤكّد سناء بإصرار وحزم راويةً لنا قصّتها "في ذلك اليوم، كانت أمّي مشغولة جدّاً ولم تتمكن من إيصالي الى الجامعة، فقررت أن أستقل الباص كي لا أتأخر على إمتحاناتي، وبالطبع إرتديت لباساً لا يُظهر شيئاً من جسمي"، وتتابع قائلةً "وإذ بشاب يستقلّ الباص ذاته ويجلس بقربي على المقعد، ولا أنكر بأنني شعرت بالإرتياح والطمأنينة لذلك فبنظري أنّ هذا الشخص هو الذي سيحميني في حال تعرّضت للمضايقات".

ولكنّ هذا الرجل بالذات "ما أن جلس بقربي حتّى بدأ يقترب منّي رويداً رويداً، ووضع يده على جنبي، ذعرت لفعلته وطلبت منه الإبتعاد وما أن هممت بالنهوض حتّى وصلت يده الى تحت مقعدي".

أقفل الأبواب...فاستخدمت الليزر

من جهتها، أطلعتنا ماري البالغة من العمر 35 سنة عن تجربتها مع وسائل النقل العامة، "في أحد الأيام تأخرّت في عملي وكانت سيّارتي تخضع للصيانة، فإضطررت الى أن أستقلّ سيارة أجرة توصلني الى منزلي".

وتذكر ماري تلك الليلة العاصفة والباردة بنوع من الإشمئزاز حيث تتابع "إستقلّيت أوّل سيارة أجرة وقع نظري عليها فكانت درجة الحرارة متدنّية جدّاً، وكان السائق كبيراً في السنّ ذكّرني بجدّي، فارتحت قليلاً وبعث في نفسي الطمأنينة. وبدأ بمحادثتي وملاطفتي وبالإثناء على جمالي، ولم أشعر بالانزعاج لأنني كما ذكرت سابقاً ذكّرني بجدّي الى حدّ بعيد".

ولكن ما ان لاحظت ماري بأن الرجل أقفل الأبواب ودخل بطريق فرعّي لا تعرفه "حتّى إستخدمت الليزر الخاصّ بها وهدّدته كي يفتح الأبواب، وترجّلت من السيارة مسرعةً الى أقرب مكان عام".

قصّة ماري وسناء هما عيّنة عن الكثير من القصص التي تتعرّض لها المرأة اللبنانية في حال إستقلّت وسائل النقل المخصصة للجميع، وكثيرات هنّ النساء اللواتي أطلقن الصرخة طالبات الحماية ولكن لا حياة لمن تنادي.
الأكثر قراءة