الملحق العسكري في السفارة الأميركية: الجيش هو شريكنا المفضّل والمهمة لم تنته بعد
Monday, 02-Aug-2021 06:36

«لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تقف إلى جانب الجيش اللبناني، تماماً كما تقف إلى جانب الشعب اللبناني». كلمات قالتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا في أكثر من مناسبة، لتلخّص عمق الروابط التي تجمع واشنطن ببيروت على مختلف الصعد ومنها العسكرية، وخصوصاً في هذه المرحلة الاستثنائية من لبنان.

منذ العام 2006 قدمت الولايات المتحدة أكثر من 2.5 مليار دولار كمساعدات عسكرية للبنان. في العام 2020 بلغ حجم المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة للجيش 250 مليون دولار. وفي أيار 2021 وحده، تم تقديم ذخيرة بقيمة 55 مليون دولار وقذائف مختلفة شديدة الانفجار وأنظمة متطوّرة ودقيقة لطائرات SUPER TUCANO A-29 وذخائر مختلفة للأسلحة الصغيرة، وقذائف من عيار 155، بالإضافة الى 120 مليون دولار لأنظمة الدفاع والخدمات والتدريب و59 مليون دولار لتعزيز قدرات امن الحدود على طول الحدود الشرقية.

 

يرى العقيد روبرت مايني الملحق العسكري في السفارة الأميركية في بيروت، والمسؤول عن قضايا التعاون الأمني الثنائي، في حديث خاص لـ«الجمهورية» لمناسبة عيد الجيش، أنّ «وجود جيش قوي في لبنان هو العنصر الأساس للأمن والاستقرار ليس فقط في لبنان إنما في المنطقة أيضاً»، مشيراً إلى أنه «من مصلحة جميع الأفرقاء، ومن اجل وجود مستقبل مستقر ومزدهر، أن يكون في لبنان شريك محترم للولايات المتحدة، كالجيش، يمكنها العمل معه».

 

المساعدات

 

ويؤكد أنه «منذ العام 2006، تخطى حجم المساعدات للجيش اللبناني 2.5 مليار دولار. وتضمنت ذخيرة، وأسلحة بحسب حاجات الجيش ومطالبه». ويوضح أنه «يتم التركيز في البرامج مع الجيش على 5 مجالات أساسية: أمن الحدود، والأمن البحري، وبناء المؤسسات الدفاعية، ونقل العتاد الدفاعي من حكومة إلى حكومة، ومكافحة الارهاب».

 

ويشير إلى انه «عادة ما يتم التركيز على مجموع الدعم للجيش، وهذا العام ارتفع دعم الولايات المتحدة له 15 مليون دولار، وهناك أيضا برامج أخرى يستخدمها الأميركيون لبناء قدراته. كما هناك مصادر تمويل أخرى تتعلق بتعزيز قدرات الاتصالات وقدرات التحرك أرضاً وجواً بالإضافة الى القدرات اللوجستية. فالموارد التي يملكها الجيش اللبناني، والتي تُقدم كمساعدات أميركية، تجعله أكثر فعالية».

 

هذا الأمر يبيّن مدى التزام واشنطن بالمؤسسة العسكرية في لبنان، عبر تحديد شكل المساعدات بشكل محترف ودقيق. وفي هذا الإطار، يقول العقيد مايني: «نحن نقوم بما يطلبه الجيش. فالمهم بالنسبة لنا هو ان نجد حلولا مشتركة ومتبادلة للقضايا التي تتطلبها علاقتنا لأنّ لدينا اهدافا مشتركة».

 

وفي تقييم لأفراد الجيش اللبناني ضباطاً وجنوداً، يقول مايني: «عملتُ مع عدة جيوش في بلدان مختلفة، لكن لم أجد شريكا أفضل من الجيش اللبناني. أفراده متحمسون للتعلّم، لا بل يتعلمون بسرعة، عنيدون، منفتحون وشفافون في مناقشة المشاكل التي يمكن مواجهتها والتي يجب ان يتخطوها. هم شريك جيد».

 

وإذ يؤكد دعم الجيش، ولا خطط لوقف هذا الدعم، يقول: «سأكون واضحاً عندما اتحدث عن الأسلحة. نحن لا نمدّ الجيش فقط بأسلحة هجوميّة بل بمعدات أساسية يجب ان تتوفر ضمن البنية العسكرية لأي جيش في العالم ليقوم بعمله وواجبه بالحد الأدنى. على سبيل المثال: في حزيران الفائت قدمنا له مساعدات بقيمة 55 مليون دولار هي عبارة عن ذخيرة وبعض الأسلحة لهدف محدّد بناء على طلب منه لاستكمال مهمات معينة، مثل تدريبات الجنود، والبقاء في جهوزية اذا اقتضت الحاجة. وبالتالي، يملك الجيش اللبناني مخزوناً من الأسلحة والذخيرة مثل أي جيش في العالم يُمكّنه القيام بمهماته الأساسية».

 

ويضيف: «هذا النوع من التقديمات يساهم بتخفيف العبء عن الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية، وفي الوقت نفسه، يتسنى للجيش استخدام الأموال التي تم توفيرها في أولويات أخرى، كالفيول والغذاء والأدوية والطبابة، للجنود في الخدمة الفعلية وللمتقاعدين وعائلاتهم».

 

طرق المساعدات

 

ويلفت المسؤول العسكري إلى أن «هناك عدة طرق لدعم الجيش، من خلال شركائنا الذين ينسّقون مع الولايات المتحدة على كيفية تقديم هذا الدعم»، مؤكداً أنّ «واشنطن شريك فاعل في عدد من المؤتمرات الدولية الداعمة للجيش اللبناني بما فيها المؤتمر الذي دعت إليه فرنسا. ونحن نتوق إلى مساعدة شركائنا في ايجاد السبل لتقديم الدعم للجيش. وقد ذكرت السفيرة الأميركية دوروثي شيا مرات عدة مدى أهمية مساعدة الجيش اللبناني بالنسبة لها ولشركائها. وهي تحاول أن تكون رائدة في ايجاد حلول خلاقة لإيجاد السبل التي يمكن ان تساعد الجيش اللبناني، ليس فقط كمؤسسة إنما كأفراد مع عائلاتهم».

 

ويستطرد: «لدينا عدة برامج للتمويل العسكري، لكنها لا تستجيب فوراً لحاجات لبنان الطارئة. السفيرة شيا عادت وتحدثت مع شركائها في الحكومة الأميركية، مؤكدة أنّ لبنان يمر بأوقات استثنائية لذا يجب التفكير بطريقة استثنائية، ويجب أن نعثر على الإمكانيات الموجودة أصلاً واستغلالها بشكل يفيد العلاقة الثنائية بين البلدين، والتركيز على استمرارية وجود الجيش اللبناني.

 

فعلى سبيل المثال، يتابع مايني، السفيرة شيا وآخرون في السفارة يبحثون عن طرق يمكن أن تفيد الجنود اللبنانيّين وعائلاتهم بشكل مباشر، وحتى توسيع هذه الجهود لتشمل عناصر قوى الأمن الداخلي إلى أقصى حدّ ممكن، وهي تأمل ذلك. كما نأمل ان نجد المزيد من الأدوية للجيش من خلال برامج عدة، مثل برنامج الطوارئ الرئاسي (presidential drawdown authority)، وهو أحد البرامج المحتملة التي يمكننا استخدامها لتلبية الاحتياجات العاجلة اليوم. فما نقوم به هو التفتيش على فرص قديمة لم تكن مهمة في السابق كما هي مهمة اليوم لإعادة إحيائها لمتطلبات حديثة.

 

ويعلن أن «الهدف الأسمى لهذه الجهود هو تأمين المساعدة اللازمة للجيش. ليس فقط لتحويله إلى جيش محترف لإتمام مهامه بشكل كامل، بل ليكون مستجيباً للشعب اللبناني الذي يعتمد عليه، ونحن نعرف هذا، ونحترم هذا الشيء، وهذا سبب إضافي لنتمسك بالشراكة مع الجيش، لأنه امر مهم للبنان، وللمنطقة».

 

القوة الأكثر احترافاً

 

يعرب المسؤول العسكري الأميركي، رداً على سؤال، عن اعتقاده بأنّ «برامج التدريبات العسكرية يمكن ان تساهم في جعل الجيش اللبناني القوة الوحيدة عسكرياً على الساحة اللبنانية، لا بل يمكن ان يكون الجيش القوة العسكرية الوحيدة الأكثر احترافاً التي تتبع بروتوكولات التدريب الموحدة، وقوانين القتال البري، وآليات شفافة أخرى تسمح للشعب والإعلام اللبناني بمراقبة عمله».

 

ويضيف: «بعض التدريبات التي نقوم بها هي جزء من برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي (IMET)، وبعضها الآخر تقوم به القوات الخاصة الأميركية المدمجة مع الوحدات الخاصة الشريكة لها، هم أفراد عسكريون نشطون من مختلف فروع الخدمة، يعيشون مع أفراد الجيش اللبناني الذين يخضعون للتدريبات، ويساعدوهم على تعلم المهارات التي يملكها الجنود المحترفون، وأيضاً لتوسيع قدراتهم في نقاط يرى اللبنانيون أنفسهم أنه يجب تطويرها».

 

ويضيف: «اذا طلب منا الجيش اللبناني مثلاً انه يريد دمج القوات البحرية والبرية والجوية في وحدة متراصة، نستطيع القيام بذلك، اذا كانت هذه رغبتهم نقول لهم إننا نستطيع ان نفعل ذلك. لكن ما لا نريده هو أن ندرب وحدات فردية على القيام بمهمات فردية، نحن نريد ان يكون الجيش اللبناني جيشاً موحداً، حيث كل الفروع تعمل معاً. وبحسب معايير محددة، ليس فقط المعايير الأميركية، بل المعايير الغربية أيضا، المتناسقة مع معايير حلف الناتو مثلاً، لإدخال الجيش في نظام عسكري حديث».

 

الثقة والجدارة

 

يستشهد مايني بما قاله الجنرال كينيث ماكينزي: «نتطلع لأن يكون الجيش اللبناني العمود الفقري للأمن والداعم للشعب اللبناني». ويقول: «نعلم انهم يمرون بأزمة كبيرة وبأوقات عصيبة، لكننا موجودون هنا لمساعدتهم ولإكمال مهماتهم على أكمل وجه. لدينا الثقة بهم، ونعتبر الجيش هو شريكنا المفضّل، ونعتقد اننا شريكهم المفضل، وهذه علاقة جيدة. وقد أثبتوا جدارتهم في السنوات الماضية وخصوصا منذ تشرين الأول 2019، لجهة التعامل مع التظاهرات لحفظ استقرار البلد وأمنه، إضافة إلى جهودهم في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من انفجار المرفأ...».

 

ويتابع مايني: «لا استطيع ان أفكر في مؤسسة أخرى في لبنان كانت قادرة على القيام بالمهمات التي قامت بها المؤسسة العسكرية بشكل افضل. اعتقد أنه يجب ان يكونوا فخورين بأنفسهم، وهم يعلمون تماماً ان المهمة لم تنته بعد، بل انها عملية مستمرة. وسنبقى على تعاون حتى نتأكد انهم قادرون على تأمين الأمن والأمان للشعب اللبناني بهدف تعزيز الازدهار».

 

وإذ أبدى ثقته بأنّ قيادة الجيش ستتخذ دائماً القرارات الصائبة، بشكل يسمح بمتابعة الدعم الأميركي للمؤسسة العسكرية، يقول مايني رداً على سؤال: «إن متابعتنا للشعب اللبناني تؤكد أنّ الأغلبية الساحقة لديها ثقة بالجيش. غالبية اللبنانيين تثق بالجيش وتعتمد عليه، وهذا مصدر دعم ثابت لنا لأنه يطمئننا أننا نتشارَك مع مؤسسة موثوق بها».

الأكثر قراءة