إلى أستاذي عصام خليفة
د. أندريه نصار

أستاذ في الجامعة اللبنانيّة

Wednesday, 09-Jan-2013 00:18
الدكتور عصام خليفة المعلّم، "معلّم" في التدريس الجامعي، و"معلّم" في كل من تتلمذ عليه. ترك بصمة مميزة في جميع سنوات الإجازة. ميزته أنه موسوعة متنقلة، فما من مادة أسندت إليه إلّا وكان سيداً لها، متمكّناً منها، محيطاً بها، ملمّاً بكل شاردة وواردة تتعلق بها. لا يترك مصدراً أو مرجعاً، أوثيقة كان أم كتاباً أم مقالة أم أي شيء آخر، يفلت من بين يديه، بل يحكم قبضته عليه، ويستنطقه حتى آخر معلومة.

حتى إن دراسته للحدود لم تعرف حدوداً، ولم يشأ أن يترك قطرة من مياه لبنان تتسرّب في القنوات المخفية أو في دهاليز ومتاهات الاتفاقيات الظالمة بحق لبنان ومياهه. إنّ روحه الوثابة إلى البحث الدائم كان ينقلها إلينا في كلية الآداب، آملاً أن نصاب بالعدوى، ونسير على خطاه.

وقد أثمرت تلك الروح طلاباً اختاروا المضي قدماً في التحصيل الجامعي العالي، حتى غدوت وزملاء لي اليوم أساتذة في قسم التاريخ، نحمل لواء الاستمرار.

كانت طريقته في إلقاء المحاضرات تنمّ عن أستاذ جامعي بكل معنى الكلمة، شخصية قوية، حضور لافت، صوت جَهوري، تسلسل منطقي في العرض، تحليل ونقد واستنتاج، لا مجال لتسلّل الرتابة أو الملل، بل شغف ولهفة لما سيأتي، وانتظار على أحرّ من الجمر لمحاضرة جديدة. لكلّ امرئ من اسمه نصيب، وأنت، يا عصام، عصامي في حياتك وأستذتك ومواقفك وكتاباتك وتعاملك مع الآخرين.

وكم نتمنّى أن يكون لك غير خليفة في ميدان البحث التاريخي، وفي رحاب كلية الآداب، تفخر بهم جامعتنا ووطننا، كما افتخرا بما أنجزته وما زلت تنجزه حتى الساعة، بفضل فكر لا يعترف بالتقاعد ولا يتوقف عن العطاء، وبفضل نخوة وعزيمة لا تلينان.
الأكثر قراءة