تنمو خلايا الدم البيضاء، بشكل عام، بصورة سليمة للغاية في الجسم، وتنقسم بحسب احتياجات الجسم. ولكن في حال الإصابة بابيضاض الدم (اللوكيميا)، يُنتج نقي العظم في الجسم كمية كبيرة جداً من خلايا الدم البيضاء الشاذة، التي لا يمكنها أن تقوم بوظائفها كما ينبغي.
في حديث مع «الجمهورية»، قال الدكتور جورج شاهين، أخصائي أمراض دم وسرطان، أنّ «تشخيص إصابة شخص بمرض ابيضاض الدم (اللوكيميا) قد يثير مشاعر القلق والخوف الشديدين، فيما قد تكون مهمة علاج سرطان الدم مركبة ومعقدة، طبقاً لنوع سرطان الدم وتبعاً لعوامل أخرى عدة مختلفة. في المقابل، هنالك طرق متنوّعة وموارد كثيرة من شأنها مساعدة المريض لمواجهة اللوكيميا».
الأسباب
لا أسباب معروفة للإصابة بمرض سرطان الدم أو اللوكيميا. فأفاد د. شاهين أنَّ «العامل الوراثي غير واضح، ولكن نلاحظ أنَّ المصابين بمتلازمة الداون مثلاً هم أكثر عرضة من غيرهم. كما أنَّ مَن يتعرض كثيراً للمواد الكيميائية (كالمبيدات) هو أكثر عرضة للإصابة. ثمّة مهن معيّنة إذاً تزيد احتمال الإصابة بسرطان الدم، ولكن لا سبب مباشر له».
العوارض
قد يعاني المصاب بهذا النوع من سرطان الدم من ظهور أعراض قليلة، على امتداد فترة قد تطول أشهر أو حتى سنوات، قبل بداية المرحلة التي تنمو فيها خلايا المرض وتتكاثر بسرعة فائقة. وتتنوّع أعراض سرطان الدم (اللوكيميا) وتختلف، باختلاف نوع سرطان الدم.
مع ذلك، فالأعراض الشائعة لابيضاض الدم (اللوكيميا) تشمل:
• الحمى أو الارتعاد،
• التعب الدائم، الوهن،
• العدوى المتكررة،
• فـَقـْد الشهية أو انخفاض الوزن،
• إنتفاخ الغدد اللمفاوية (Lymphatic nodules)، تضخم الكبد أو الطحال،
• سهولة النزف أو ظهور الكدمات،
• ضيق النفس خلال النشاط البدني أو عند الصعود على الأدراج،
• ظهور نقاط أو بقع صغيرة حمراء اللون على الجلد (نَزف محلي، موضعي)
• فرط التعرّق، وخصوصاً في ساعات الليل
• أوجاع أو حساسية في العظام
تتعلق حدة الأعراض بكمية خلايا الدم الشاذة (غير السويّة) وموقع تراكمها. وقد يتغاضى المرء عن العلامات والأعراض الأوّلية لمرض ابيضاض الدم (لأنها تشبه علامات وأعراض الانفلونزا أو أمراض شائعة أخرى).
العلاج
في هذا السياق، أشار د. شاهين إلى أنه ولحسن الحظ، «نسبة شفاء سرطان الدم لدى الأطفال عالية (أكثر من 80%)، ولدى الراشدين (حوالى 50%)». وأضاف: «تطورت علاجات لوكيميا الأولاد بشكل أسرع من علاجات سرطان الدم لدى الراشدين. وقد أحدثت أدوية جديدة في الألفين انقلاباً في مجال علاج سرطان الدم، إذ أصبح المريض يشفى، ويطول عمره بحوالى الـ20 عاماًَ.
حتى إنّ الطبيب يوقف في بعض الحالات العلاج للمريض بعد أن يصبح بغنى عنه، إذ يكون قد شفي تماماً من السرطان. في المقابل، كان المريض في السابق يستمر في تناول الدواء طيلة حياته».
وتختلف العلاجات بحسب حدة السرطان ونوعه، ففي حالات المرض الحاد، فسّر شاهين «الحاجة الضرورية لعلاج كيميائي قاسٍ على 5 أو 7 أيام متواصلة داخل المستشفى، ويعاني خلاله المريض من آثار جانبية حادة. فيجب تخفيض المناعة إلى الصفر كي تخرج الكريات البيضاء. أما في حالات المرض غير الحاد، فيحتاج المريض إلى علاج مرة واحدة ليعود الدم إلى حالته الطبيعية. يكون العلاج سهلاً على المريض، وخالياً تقريباً من المشكلات. وتجدر الإشارة إلى أننا نلجأ في الحالات الصعبة لدى الراشدين إلى زرع نخاع العظام».
الأبحاث والدراسات
لبنان ليس بلداً غنيّاً، وليس دولة أبحاث. ولكن بحسب د. شاهين، «مستوى تطبيق الطب في لبنان راقٍ جداً. في الحقيقة، تتسجّل في لبنان أدوية متطورة جداً قبل تسجّلها في أوروبا أحياناً. ولكن تكمن المشكلة في غياب الأبحاث. فما من تمويل لها. لا شك في وجود بعض الأبحاث الصغيرة والمحدودة في الجامعات والمستشفيات، ولكنها غير متكاملة. فلدينا هنا أبحاث فردية ولكن لا أبحاثَ وطنية».
واختتم شاهين الحديث بإيجابية، قائلاً: «إطمئنّوا، فمستوى الطب والأدوية في لبنان عالٍ جداً. وتطوّر الطب يشفي المزيد فالمزيد من المرضى. على المريض أن يتحلّى بأمل كبير».