في هذه الحالات الثلاث... لا يعتذر
اليسار حبيب
Wednesday, 26-Dec-2012 23:52
يشاع في مجتمعاتنا أن الاعتذار دليل ضعف، إنما على العكس، الاعتذار هو سمة الانسان ذي الشخصية القوية والذي لا يمانع في الاعتراف بخطئه، ولكن في بعض الأحيان قد يتحوّل الاعتراف بالخطأ الى أكبر خطأ. متى يجوز الاعتذار ومتى لا؟
دائماً ما تقع الخلافات بين الأصدقاء والزملاء والأحباب أو حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، منها ما يضمحلّ بسرعة بسبب استعداد المتخاصمين للاعتراف بالخطأ وسرعتهم في المبادرة الى الاعتذار، ومنها ما يدوم وقتاً طويلاً لعناد أطراف النزاع وتشبّثهم بآرائهم وعدم إبداء أي رغبة منهم في الاعتذار وإنهاء الخصام.

ومن الناس من يقول بأن المرأة تبادر الى الاعتذار أكثر من الرجل الذي يجد في ذلك انتقاصاً لكرامته أو حدّاً لرجوليته، لكن تبيّن بأن الرجل يعتذر في حال اقتنع بأنه أخطأ إلا في بعض الحالات ومنها:

1 - عندما لا يبدي الطرف الآخر استعداداً للمسامحة من الصعب أن يبادر الرجل الى الاعتذار نظراً "لرجوليته" ولاعتباره بأن الاعتذار يحدّ منها، ومن الأسباب التي تجعله لا يرغب في اتخاذ هذه المبادرة هو تأكده من أن الطرف الآخر لن يسامحه لو مهما حصل. فلدى الرجل قناعة لا تتزعزع وهي بأن المرأة لا تسامح أبداً ولا تنسى الإهانة ولذلك يقول الرجل في نفسه إنه حتى لو إعتذر فإن ذلك لن يفيد في شيء، فيختصر الطريق و يقرر عدم الإعتذار أساساً.

كما يعتقد الرجل بأن المرأة لن تنسى الخطأ الذي ارتكبه بحقّها وستتذكره مدى الحياة وتذكّره به دائماً، فبالنسبة اليه هي صاحبة قلب أسود وحقودة تنتظر الفرصة المناسبة لتنتقم منه وتتكبر عليه في حال اعترف بالخطأ وطلب منها السماح، وهذا ما يدفعه الى عدم الاعتذار منها حتى لو كان مخطئاً علّه يحافظ ولو قليلاً على قوّته ورجولته.

2 - عندما يقتنع بأن اعتذاره سيقوي الآخر عليه، إذ إن ثقافة الاعتذار في مجتمعنا العربي غير موجودة الى حدٍّ ما خصوصاً إذا كان الرجل هو المبادر اليها، إذ يُنظر الى الرجل الذي يعتذر على أنه مخطئ ومكسور، وبالتالي فإن شيئاً ما يُنتقص من صورته وقوّته ورجوليته، وكأن الرجولة تكون بالتشبّث بالآراء والمعتقدات وعدم التخلي عن الأخطاء.

أما الشخص الذي يتمّ الإعتذار له فيتعالى ويعتبر نفسه ذات سلطة وقوّة ويعامل الآخر معاملة سيئة فيذلّه ويهينه، لأنه لا يقدّر حقيقةً معنى الاعتذار وأهمية الخطوة الذي قام بها الآخر.

وعندما يفكّر الرجل بأن المرأة التي يحبّ ستعامله بهذه الطريقة وستنظر الى الاعتذار كونه دليل ضعف وانتقاص للكرامة، وبأنها ستضع نفسها في مرتبة قوّة فسيفضّل عدم أخذ هذه المبادرة حتى لو كان مخطئاً، ولن يعتذر لها!

3 - عندما يخاف من أن يصبح الاعتذار عادةً، أكثر ما يخيف الرجل ويجعله لا يرغب في الاعتذار حتى لو علم في قرارة نفسه بأنه مخطئ، هو إعتقاد المرأة بأن الاعتذار هو جزء متجزئ من شخصيته. إذ ترغب المرأة في أن يتعامل معها شريكها بشكل ثابت ومستقرّ وبالتالي تتمنّى أن لا تشوب علاقتهما أي تطورات مفاجئة وغير متوقّعة.

ويعتقد الرجل بأنه إذا بادر ولو مرّة الى الاعتذار عن الخطأ الذي ارتكبه فقد تحبّ المرأة ذلك وتتعود على هذه الخطوة وستحزن فيما لو لم يقم بهذه المبادرة مرّة أخرى، لا بل قد تقرر إنهاء العلاقة حتّى.

وبما أن الرجل يرغب في علاقة ثابتة أيضاً ويعلم بأن بعض الخلافات قد تنشأ ويريد أن تتحمل شريكته ذلك، فإنه يفضّل السكوت وعدم الاعتذار.
الأكثر قراءة