أهمّيّة اللعب في نموّ وتطوّر الأطفال
Wednesday, 01-May-2019 10:20
يُعتبر اللعب من الأساسيّات في حياة الأفراد وهو جزء لا يتجزّأ من طبيعة الإنسان. في ما يخصّ الطفل، فهو بحاجة إلى اللعب كي يتعلّم ويتقدّم ويتعرّف على العالم من حوله.

يساهم اللعب في تطوّر الطفل الذهنيّ والجسديّ وفي تنمية مشاعره وإدراكه، كما يساعد في انتقاله من شخص تابع أو متكّل على الأهل أو الأصدقاء إلى فرد يتمتّع باستقلاليّة ذاتيّة.

لمَ نُثير هذا الموضوع؟

هناك عدّة أسباب تدفعنا للانتباه إلى هذا الموضوع بالتحديد. من الملاحظ، في السنوات الأخيرة، أنّ الوقت المخصَّص للعب عند الأطفال أخذ في الانحسار، خصوصاً مع عدم تواجد مساحات فسيحة تسمح لهم باللعب فيها.

من الملاحظ أيضاً أنّ اهتمامات الأطفال قد تبدّلت من ألعاب تعتمد على المهارات الحسّيّة إلى لعب يعتمد على استخدام الإلكترونيّات، كالتلفزيون والتلفون والآيباد وغيرها...

ولعل أهمّ العناصر التي أثّرت على اللعب عند الأطفال، انهماك الأهل في أعمالهم وقضاء ساعات طويلة بعيداً عنهم. لقد أثّر ذلك على الحياة العائليّة، فأصبحت الأسر أصغر من حيث العدد، بحيث لا يتعدّى عدد الأولاد الثلاثة في معظم الحالات.

ماذا تقول الدراسات؟

من خلال تجارب أُجريَت على الفئران، بيّنت الدراسات أنّ الفئران التي حُرمت من اللعب، مقارنة بمجموعة فئران ضابطة، أظهرت أقلّ قدرة على حلّ المسائل كالتحرّك ومعرفة الوصول في متاهة، كما تبيَّن أنّ أدمغتها أقلّ تطوّراً وتحتوي على شبكات عصبيّة أقلّ.

أوضحت الدراسات أنّ اللعب ينشّط الجزئيّات والخلايا الدماغيّة، ويخفّف مستوى الكورتيزول (الذي يُعنى بالتوتّر) في الدماغ، ويزيد مستوى الهورمونات المسؤولة عن النموّ الدماغيّ.

كما أظهرت أنّ الأطفال الذين يلعبون ساعة في اليوم يتمتّعون بطاقة خلّاقة متميّزة. الأطفال الذين يلعبون بالألعاب التقليديّة يكتسبون لغة غنيّة أكثر من حيث عدد الكلمات ونوعيّتها، مقارنة بالذين يلعبون بالإلكترونيّات.

علاوة على ذلك، إنّ لعب الأطفال بالمكعّبات بمفردهم، من غير تدخّل الكبار، يساهم في تطوّرهم اللغويّ، كما أنّ الأطفال في الأعمار 3 و 4 سنوات، والذين يلعبون مع رفاقهم 15 دقيقة في اليوم، هم أقلّ عرضة للقلق من الأطفال الذين يستمعون إلى معلّمة تقرأ قصّة.

وقد اعتبرت إحدى الدراسات التي أُجريَت في جمايكا أنّ لعب الأطفال مع أهلهم خلال مرحلة الطفولة يؤدّي إلى نجاح أكبر عندهم في مراحل النموّ المختلفة.

وفي دراسة أخرى أُقيمت في أبسدريان في أميركا، توصّل الباحثون إلى أنّ الأطفال الذين اعتمدتْ طريقة اللعب عندهم على الاستكشاف في مرحلة الروضة، والذين تراوح أعمارهم بين 3 و 6 سنوات، تمكّنوا من حيازة شهادات علميّة متقدّمة كما أنّهم تمكّنوا من النجاح أكثر في حياتهم العمليّة.

بإختصار، إنّ اللعب يساعد الطفل على اكتساب قدرات ومهارات اجتماعيّة يحتاجها في عصرنا هذا. بالإضافة إلى اللغة والرياضيّات، تتضمّن المهارات:

1 - حلّ المسائل والمشكلات
2 - التعاون مع الآخرين
3 - الإبداع والإبتكار

هل يستفيد الأهل من اللعب أيضاً؟

بالطبع. فإنّ الأهل يسترجعون طفولتهم من جديد عندما يشاركون طفلهم اللعب. اللعب يعزّز علاقة الأهل بالطفل ويحسّن التواصل معه خلال مراحل نموّه.

ما المقصود باللعب /وما هي أنواع اللعب المختلفة؟

1 - اللعب بشيء أو بلعبة يبدأ بالتجربة الحسّية من خلال الفم ويتطوّر ليصبح له مفهوم رمزي.
2 - اللعب الحركيّ الحرّ: يتضمّن اللعب الخشن والورشنة.

3 - اللعب في الهواء الطلق:
• اللعب في المدرسة خلال الفسحة يساهم في نجاح أكاديمي أعلى.
• اللعب مع الأطفال ذوي الفئات العمريّة المتقاربة يساعدهم على استخدام حواسّهم وزيادة الوعي للمكان والتوازن بالطبيعة والإنتباه ومدى الاهتمام بالأشياء.

4 - اللعب الرمزي أو التظاهري:
• يلعب الطفل بأخذ أدوار اجتماعيّة مختلفة يمارسها بطريقة آمنة.
• من خلال هذا النوع من اللعب، يتعلّم التعاون والتفاوض على القواعد.
• يعزّز خياله وإبداعه.

كيف يستطيع الأهل اللعب مع أولادهم؟

• من الولادة إلى 6 أشهر:

1 - الابتسامة بوجه الطفل والرد على ابتسامته
2 - تقليد الحركة والأصوات.

3 - ترك المجال للطفل لاختبار الأشياء من خلال فمه.
4 - وضع الطفل في عدّة وضعيّات جسديّة آمنة.

• من 7 إلى 12 شهراً:

1 - إعطاء الطفل حرّية التحرّك على الأرض.
2 - تشجيع الإستكشاف.

3 - إعطاؤه أغراضاً من البيت آمنة وغير قابلة للكسر.
4 - لعب «البؤوسة» معه.

من 1 إلى 3 سنوات:

1 - لعب غير موجّه مع المراقبة.
2 - ألعاب آمنة وبسيطة.

3 - لعب حركي (مصارعة خفيفة).
4 - الركض، القفز، الرقص، الغناء.
5 - قراءة بصوت عال مع أسئلة حول محتوى القصة والرسوم.

• من 4 إلى 6 سنوات:

1 - أغاني، قراءة ونقاش حول القصة.
2 - ألعاب تظاهريّة تمثيليّة.
3 - تحديد وقت للألعاب الإلكترونية.

ختاماً، يمكننا الاستخلاص أنّ اللعب أساسيّ في حياة الأطفال، بحيث إنّه يعطيهم الدفع اللازم كي يتعلّموا ويتحضّروا للمستقبل. إنّ اللعب الذهنيّ والحركة الجسديّة تحسّنان الصحّة بشكل عامّ وتعزّزان جهاز المناعة والغدد والقلب والشرايين بشكل خاص. أما اللعب الحرّ فهو يحدّ من الإجهاد/ التوتّر والتعب والكآبة، ويزيد نطاق الحركة والتوازن والمرونة مقارنة بالتربية البدنيّة.

تقع على عاتق طبيب الأطفال مسؤوليّة الدعوة إلى التنمية الصحّية للأطفال بما تتضمّن من صحّة جسديّة وفكريّة وعاطفيّة. يجب دفع الأهل إلى تأمين فرصة اللعب الحرّ وغير المنظّم لأطفالهم. 

الأكثر قراءة