الأرجنتين لإيجاد الحلّ أمام «الديوك» الفرنسية... والأوروغواي تواجه البرتغال
Saturday, 30-Jun-2018 08:31
يتعيّن على الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه إيجاد حلّ سريع إذا ما أرادوا الذهاب بعيداً في مونديال روسيا 2018 عندما يواجهون اليوم منتخباً فرنسياً مدجّجاً بالنجوم لكنّه لم يقدّم بعد المستوى المطلوب، وذلك عندما يتواجه المنتخبان في أولى مباريات الدور ثمن النهائي.

على ملعب فيشت الأولمبي في سوتشي، تعِد المباراة بين القطبين بتنافس مرتقب بين منتخبَين خيّبا الآمال في الدور الأوّل، على رغم أنّ كلّاً منهما حظيَ بمسار مختلف.

كشَف الدور الأوّل عيوب المنتخب الأرجنتيني: أداء غير متوازن، أعمار متقدّمة لعدد من مفاتيح لعبه، والأهم نجم إسمه ليونيل ميسي، انتظر حتى المباراة الثالثة ليبدأ بتقديم اللمحات التي اعتاد عليها مشجّعو كرة القدم.

تعادل «البيسيليستي» في المباراة الأولى مع إيسلندا (1-1) وتلقّى خسارة قاسية أمام كرواتيا (0-3) في الجولة الثانية. كما انتظر الأرجنتينيون حتى الجولة الأخيرة من التصفيات الأميركية الجنوبية للتأهّل إلى نهائيات المونديال بفوز على الإكوادور (3-1) وثلاثية لميسي، انتظروا في روسيا 2018 أيضاً حتى الجولة الثالثة الأخيرة لضمان العبور إلى ثمن النهائي.

هذه المرّة كان ميسي مساهماً عبر تسجيل الهدف الأوّل ضد نيجيريا، إلّا أنّ المنقذ كان المدافع ماركوس روخو الذي جعل النتيجة 2-1 في الدقيقة 86.
في الجهة المقابلة، طرِح إسم المنتخب الفرنسي قبل المونديال، كأحد المرشحين البارزين للقب. لكن على رغم تصدّرهم مجموعتهم الثالثة وتحقيق فوزين وتعادل في الدور الأوّل، لم يقدّم «الديوك» أداءً مقنِعاً بعد.

وبدأت فرنسا بفوز على أوستراليا 2-1 بأداء بطيء وممِلّ لم يَسلم من الانتقادات، واستمر الوضع على حاله في المباراة الثانية برغم الفوز المتواضع على البيرو 1-0، ثم تحوّل الملل إلى عقم في المواجهة الأقوى في المجموعة مع الدنمارك التي انتهت سلبية.

ويضم المنتخب الأزرق في صفوفه أسماء لامعة من طينة أنطوان غريزمان وبول بوغبا وكيليان مبابي ولوكاس هرنانديز، إلّا أنّ أياً منهم لم يلفت الأنظار بعد، أو حتى يقدّم المستوى الذي عرف به معه ناديه.

ولم يتمكن غريزمان المهاجم الأوّل في تشكيلة منتخب «الديوك» من استعادة أفضل مستوياته، كما أنّ الإبداع كان شِبه معدوم من خط الوسط.

ويصرّ المدرّب الحالي ديدييه ديشان الذي كان قائداً (كلاعب) للمنتخب المتوّج بلقب مونديال 1998، على أنّ فريقه سيظهر بشكل جيّد عندما تبدأ منافسات الأدوار الإقصائية اليوم. وقال: «بطولة جديدة كلياً تبدأ الآن، مع الخروج المباشر. حصلنا على ما كنّا نريده، والآن نواجه التحدّي، لكنّنا جاهزون ونهدف إلى الوصول للدور المقبل بعد ذلك».

ميسي، الفائز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خمس مرّات، أكد أهميته بالنسبة إلى الأرجنتين عندما افتتح التسجيل أمام نيجيريا الثلثاء المنصرم. لكنّ الهدف ليس إلّا جزءاً من تعويض إهدار أيقونة برشلونة الإسباني، ركلة جزاء أمام إيسلندا، ما أضعفَ آمال منتخب الأرجنتين من مباراته الافتتاحية.

وافتقد ميسي لمساته ولم يمرّر له زملاؤه الكثير من الكرات أمام كرواتيا، قبل أن يأتي الفرج عبر الفوز على نيجيريا في المباراة الثالثة أمام ناظري الأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا الذي قاد بلاده في 1986 إلى لقبٍ ثانٍ في كأس العالم بعد أوّل عام 1978. وخطفَ مارادونا أضواء المباراة الثالثة في طريقة احتفاله بالهدفين والوعكة الصحية التي تعرّض لها، إلّا أنه خضع لفحص طبّي وأكد أنه بخير.

«فوضى» ميسي

لكنّ ميسي ولاعبو المنتخب يخضعون أيضاً لفحص من نوع آخر، يهدف إلى تبيان قدرتهم على تقديم الأداء المقنع على أرض الملعب، لا سيّما بعد التقارير العديدة حول شرخٍ بينهم وبين المدرّب خورخي سامباولي.

وبحسب مارسيل ديسايي، القائد السابق للمنتخب الفرنسي وزميل ديشان في المنتخب الفائز بمونديال 1998، «نعرف أنّ ميسي رائع، ونحن حائرون وحزينون من أجله... هو أهم ما لدى برشلونة، لكنّه في حالة فوضى مع الارجنتين في الوقت الحالي».

وتابع: «لنقل الأمورَ كما هي، منتخب فرنسا لم يقدّم حتى الآن أيّ شيء لكي يجعلنا نشعر بالتفاؤل ويمنحنا الأمل».

واكتفى منتخب فرنسا بتسجيل ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات على رغم خط هجوم مرعب يضمّ غريزمان ومبابي وأوليفييه جيرو. ويواجه غريزمان تحديداً ضغوطاً متصاعدة، علماً أنّ مسارَه في مونديال 2018 (اكتفى حتى الآن بهدف من ركلة جزاء) يعيد التذكير بأدائه في كأس أوروبا 2016 التي استضافتها بلاده، عندما بدأ بشكل ضعيف قبل أن ينهي البطولة متصدّراً لترتيب الهدّافين مع ستة أهداف (خسرت فرنسا النهائي أمام البرتغال).

وأكّد هرنانديز لاعب أتلتيكو مدريد، أنّ زميله في النادي والمنتخب غريزمان «بخير، بخير. لا يجب أن نشكّك في أحد أفضل اللاعبين في العالم».

وفي المباراة الثالثة بين المنتخبين في المونديال (فوزان للأرجنتين في 1930 و1978)، يتعيّن على «الديوك» مراقبة ميسي، بحسب ماريوس تريزور، المدافع السابق للمنتخب الفرنسي الذي حلّ رابعاً في مونديال 1982.

وقال تريزور: «ضد ميسي، عليهم أن يلعبوا بذكاء. فإذا انطلقَ عبر منتصف الملعب فلدينا نغولو كانتي الذي لا يسمح للاعبين بتجاوزه بسهولة. وإذا جاء عبر الجهة اليمنى فهناك هرنانديز الذي يعرفه جيّداً في الدوري الإسباني... ميسي يحب أن يتحرّك، لذلك علينا أن نحاول السيطرة عليه».

سواريز في مواجهة رونالدو

من جهة أخرى، يلتقي منتخبا الأوروغواي والبرتغال في الدور ثمن النهائي اليوم، في مواجهة بنكهة مدريدية، يعوّل فيها المنتخب الأميركي الجنوبي على مدافع أتلتيكو مدريد دييغو غودين، لوقف نجم أبطال أوروبا كريستيانو رونالدو لاعب ريال.

عند ضفاف البحر الأسود، سيتجدّد الموعد بين قائد الأوروغواي غودين، أحد أبرز المدافعين في العالم، وزميله في المنتخب ونادي أتلتيكو خوسيه ماريا خيمينيز، ومهاجم ريال رونالدو، أفضل لاعب في العالم خمس مرّات والذي يقدّم أداء لافتاً في المونديال الروسي.

في الدور الأوّل، سجّل رونالدو (33 عاماً) أربعة أهداف: «هاتريك» ضد إسبانيا في الجولة الأولى (3-3)، وهدف الفوز ضد المغرب في الجولة الثانية (1-0)، علماً أنّ منتخب بلاده تعادل في المباراة الأخيرة مع إيران 1-1.

وتأهّلت البرتغال إلى ثمن النهائي كثانية المجموعة الثانية خلف إسبانيا، بينما تصدّرت الأوروغواي المجموعة الأولى بفوز على مصر والسعودية بالنتيجة نفسها (1-0)، وفوز على روسيا المضيفة (3-0).

وحافظت الأوروغواي على نظافة شباكها في المباريات الثلاث للدور الأوّل. في ستّ مباريات في 2018، لم يتلقَّ مرمى الأوروغواي أيّ هدف. لغودين دور أساسي في ذلك، كيف لا وهو «خبير» حماية مرماه من الأهداف مع أتلتيكو مدريد، أحد أفضل الفرق الأوروبية دفاعاً خلال الموسم الماضي، حيث حافظ على سجلّ خالٍ من الأهداف في 34 مباراة في مختلف المسابقات.

فهل تصمد هذه الصلابة أمام المرمى في مواجهة أحد أخطر مسجّلي الأهداف في عالم كرة القدم حالياً؟ إذ في رصيد رونالدو 85 هدفاً دولياً، أكثر من أيّ لاعب أوروبي من الذكور في تاريخ اللعبة.

إحصاء آخر؟ في العامين الماضيين، سجّل رونالدو «هاتريك» مرّتين في مرمى أتلتيكو مدريد، علماً أنّ النادي الملكي خرج بقيادته فائزاً على غريمه في العاصمة الإسبانية، مرّتين في نهائي دوري أبطال أوروبا.

المواجهة الأولى في المونديال

وتُعرَف عن غودين شراسته في الدفاع واستبساله لقطع أيّ فرصة. في وقت سابق من العام الحالي، اضطرّ إلى إجراء عملية جراحية لاستبدال ثلاثة من أسنانه بعد احتكاك هوائي قاسٍ مع حارس مرمى فالنسيا، البرازيلي نيتو.

وقال عنه مؤخّراً أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا: «غودين نجم. يدافع ويقود ويسجّل الأهداف ويُحرز الألقاب ولا يغيب عن أي مباراة».
وفي مباراة اليوم، من المقرّر أن يعود خيمينيز، مسجّل هدف الفوز في مرمى مصر، إلى قلب الدفاع مع «شريكه» غودين، بعد غيابه عن مباراة روسيا بسبب الإصابة.

في المقابل، يرغب رونالدو، الذي يرجّح أن يكون مشاركاً في آخر مونديال له بعدما بلغ الثالثة والثلاثين من العمر، بالعودة إلى هوايته المفضّلة: تسجيل الأهداف.

وانتزَع منه قائد إنكلترا هاري كاين صدارة ترتيب الهدّافين، وبات الفارق بينهما حالياً هدفاً واحداً (خمسة لكاين مقابل أربعة للبرتغالي).

وترغب الأوروغواي في تجاوز ثمن النهائي، المحطة نفسها التي بلغتها في مونديال 2014 قبل الخروج أمام كولومبيا (0-2). وكانت البرتغال أفضل نتيجة لها الحلول رابعة عام 2006، ولم تتخطَّ الدور الأوّل في 2014.

ولن تكون المباراة سهلة لأيّ من المنتخبين، إذ يتشاركان الكثير، لا سيّما لجهة اللعب في الدوري الإسباني.

نقطة قوّة الأوروغواي لا تقتصر على الدفاع، ففي هجومها يحضر اثنان من أخطر القناصين في العالم: لويس سواريز وإدينسون كافاني، وما بين الدفاع والهجوم أسماء من طينة رودريغو بنتانكور ولوكاس توريرا وماتياس فيسينو.

وقال مدرّب البرتغال فرناندو سانتوس عن الأوروغواي: «هو منتخب أميركي جنوبي تقليدي... لم يتلقَّ مرماه الأهداف، ليس فقط في كأس العالم هذه، بل طوال عام 2018. أوسكار تاباريز (من 1988 إلى 1990، ومن 2006 حتى الآن) هو المدرّب الذي أمضى الفترة الأطول على الصعيد الدولي. هذا يعني أنّ علاقة قوّية جداً تربطه بلاعبيه».

مواجهة اليوم ستكون الثالثة بين المنتخبين، والأولى بينهما في كأس العالم. وقد تعادلا مرّة في العام 1972، وفازت الأوروغواي في 1966. المفارقة أنّ هذه المباراة هي الأولى للأوروغواي ضد منتخب أوروبي في الدور ثمن النهائي لكأس العالم منذ لقائها الوحيد في مونديال 1990، وكان ضد إيطاليا المضيفة حينما خسرت 0-2، بقيادة مدرّبها الحالي تاباريز.

ويقود البرتغال مدرّب مخضرم آخر هو سانتوس الذي شدّد في تصريحات خلال المونديال الحالي، على أنّ لاعباً بمفرده - في إشارة إلى رونالدو - لا يمكن أن يحمل عبء فريق بأكمله.

ويبدو أنّ لاعبي الأوروغواي مقتنعون بذلك أيضاً. اليوم على ملعب فيشت الأولمبي في سوتشي، سيكونون في مواجهة رونالدو وعشرة لاعبين آخرين تمكّنوا من الفوز في نهائي كأس أوروبا على فرنسا المضيفة (1-0) بعد التمديد، وبعد خروج رونالدو مصاباً.

وقال الأوروغوياني سيباستيان كواتيس عن رونالدو: «سنراقبه بالاحترام نفسِه كما نراقب الجميع، على رغم أنه نجم، لا تحضّر لمباراة بالنظر فقط إلى لاعبٍ واحد».

الأكثر قراءة