الادارة العامة ونحن..خطورة الأمراض المستفحلة (2)
د. ايلي الياس
Saturday, 10-Nov-2012 00:24
بعد كل الذي قلناه في وضع الادارة العامة في لبنان، لا زلنا نعتبره حفنة صغيرة مما يقوله المواطنون المصلوبون على اعقاب وادراج البيروقراطية اللبنانية في كافة اقضية ومحافظات لبنان...
كرامة المواطن معرّضة ومصالحه مهدّدة وأمواله مهدورة كل يوم على ايدي العنصر البشري المتجمع في اروقة الوزارات والمصالح المستقلة وما يتبعهما من نظام اداري مترهل، وفكر اداري مشوّش وذهنية سلطوية نفعية لا تعطي اي اعتبار للمعايير الحقوقية والعلمية والاخلاقية التي يجب ان تحكم وتحدد العلاقة الاجرائية بين المواطن والدولة.
اي باحث او محلل في علم الاقتصاد والادارة لو دخل على دائرة رسمية في اي من وزارات الدولة، لادرك مدى خطورة الامراض المستفحلة في تلك الوحدة الادارية النموذج (MODEL UNI) التي تنطبق تماما على كل من مثيلاتها في اية وزارة اخرى. فالحالات المرضية هي واحدة مشتركة في جميع الامكنة، والحالة الطائفية والرشوة المستشرية والترهل والاهمال وفقدان القيم المهنية المعطلة للاحساس بحاجات المواطن وامانيه، هي قاعدة مشتركة وواقع شامل.
وفوق كل هذا، الروتين الاداري القاتل الذي يلتهم وقت الدولة والمالية العامة وحقوق المواطنين في وقت واحد. كما قلنا في بداية هذه الشروحات، اذ لا بد من عمل جراحي كبير يتناول هذه القضية الوطنية من جذورها.
خلال كل محاولات الاصلاح الماضية بدءا بالحقبة الشهابية حتى هذا اليوم، كانت مقاربة الحلول تتناول اعراض المرض ومظاهره وليس مسبباته الفعلية وجذوره. والسبب في ذلك يعود لأبعاد ثلاثة:
اولا: عدم الدخول الى المعالجة من العمق الاكاديمي – النظري (ACADEMIE – THEORATIEAL) . وكل معالجة في اي من العلوم اذا لم تستند الى البحث المتكامل لاسباب المرض وللنظريات المستنتجة على ضوئه هي معالجة سطحية غير جدية وغير حاسمة، تبقي عملية المعالجة متأرجحة بين حقائق العلم والتمنيات والتضرعات للقوى الغيبية والخوارق. يقول انشتاين: "اذا كان الواقع يخالف النظرية، عليك بتغيير الواقع وليس النظرية".
ثانيا: فقدان الجرأة المهنية في مقاربة ما يسمى في لبنان "بالامور الحساسة" سياسيا وطائفيا؟! كل محاولات الاصلاح الماضية ظلت اسيرة الاعتبارات التي ان تمّ اختراقها "قد تحدث أزمة في البلد"... والمضحك المبكي في الامر هو ان هكذا "اعتبارات" هي بيت الداء وهي مصدر الأزمات المتتالية على البلد منذ اعلان دولة لبنان الكبير على ايدي الاستعمار. فان كل السموم التي زرعها الاستعمار في عقولنا ونفوسنا لم نجرؤ يوما على التصدّي لها بصدق وجرأة وكرامة.
عظمة الحقيقة انها جارحة وتعرّي كل من يحاول اخفاءها. وقضية تعرية المجرمين ومسألة الكشف عن كل الذي اقترفوه من جرائم وظلم بحق الشعب لم يجرؤ السياسيون في لبنان على الاقدام عليها.
السياسة في لبنان تعاقب صغار المجرمين واللصوص الذين لا حول لهم ولا قوة. اما المجرمون واللصوص الكبار كانوا دوما فوق المحاسبة وخارج مساحة القانون.
ثالثا: فقدان الجدية الوجدانية والقيم الاخلاقية (MORAL VALUE SYSTEMS) في تنفيذ اي عملية اصلاحية. ان فقدان هاتين القاعدتين عند اية جماعة بشرية هي بمثابة مؤشر حقيقي لضعف الوعي لدى تلك الجماعة البشرية.
نحن بكل اسف كأمة وكجماعة بشرية مسؤولون ايضا عن كل ما نحن فيه من تخلف وفوضى تسكن وجودنا وحياتنا. يقول الامام علي (ع):" كما تكونون يولّى عليكم"؟
فان مواطن يكذب يرضى بمسؤول كذاب. والمواطن الذي يرتكب فعل الرشوة هو الذي يصنع مسؤولا مرتشيا رخيصا. مواطن طائفي – مذهبي هو المكوّن الاساسي لبيئة طائفية ظالمة.
اذا كشعب، نحن المسؤولون الاساسيون عن قيام مجتمع مفكّك غير منظّم وهزيل اخلاقيا.
نحن اكثرية صامتة لأننا اكثرية جاهلة غير جدية وغير منظمة. فالانسان الساكت عن الظلم والقابل بالفوضى والفساد، وهو شريك حقيقي لنشؤ مجتمع مريض. لذلك نحن شعب بحاجة الى عاصفة اخلاق وعلم وجدية تهز كياننا وتيقظنا من غيبوبتنا وتقتلع منا روح اللامبالاة وذهنية "حلّت عن ضهري بسيطة" التي تعشعش في عقولنا ونفوسنا منذ عشرات السنين. (والى ملفات مقبلة)
اي باحث او محلل في علم الاقتصاد والادارة لو دخل على دائرة رسمية في اي من وزارات الدولة، لادرك مدى خطورة الامراض المستفحلة في تلك الوحدة الادارية النموذج (MODEL UNI) التي تنطبق تماما على كل من مثيلاتها في اية وزارة اخرى. فالحالات المرضية هي واحدة مشتركة في جميع الامكنة، والحالة الطائفية والرشوة المستشرية والترهل والاهمال وفقدان القيم المهنية المعطلة للاحساس بحاجات المواطن وامانيه، هي قاعدة مشتركة وواقع شامل.
وفوق كل هذا، الروتين الاداري القاتل الذي يلتهم وقت الدولة والمالية العامة وحقوق المواطنين في وقت واحد. كما قلنا في بداية هذه الشروحات، اذ لا بد من عمل جراحي كبير يتناول هذه القضية الوطنية من جذورها.
خلال كل محاولات الاصلاح الماضية بدءا بالحقبة الشهابية حتى هذا اليوم، كانت مقاربة الحلول تتناول اعراض المرض ومظاهره وليس مسبباته الفعلية وجذوره. والسبب في ذلك يعود لأبعاد ثلاثة:
اولا: عدم الدخول الى المعالجة من العمق الاكاديمي – النظري (ACADEMIE – THEORATIEAL) . وكل معالجة في اي من العلوم اذا لم تستند الى البحث المتكامل لاسباب المرض وللنظريات المستنتجة على ضوئه هي معالجة سطحية غير جدية وغير حاسمة، تبقي عملية المعالجة متأرجحة بين حقائق العلم والتمنيات والتضرعات للقوى الغيبية والخوارق. يقول انشتاين: "اذا كان الواقع يخالف النظرية، عليك بتغيير الواقع وليس النظرية".
ثانيا: فقدان الجرأة المهنية في مقاربة ما يسمى في لبنان "بالامور الحساسة" سياسيا وطائفيا؟! كل محاولات الاصلاح الماضية ظلت اسيرة الاعتبارات التي ان تمّ اختراقها "قد تحدث أزمة في البلد"... والمضحك المبكي في الامر هو ان هكذا "اعتبارات" هي بيت الداء وهي مصدر الأزمات المتتالية على البلد منذ اعلان دولة لبنان الكبير على ايدي الاستعمار. فان كل السموم التي زرعها الاستعمار في عقولنا ونفوسنا لم نجرؤ يوما على التصدّي لها بصدق وجرأة وكرامة.
عظمة الحقيقة انها جارحة وتعرّي كل من يحاول اخفاءها. وقضية تعرية المجرمين ومسألة الكشف عن كل الذي اقترفوه من جرائم وظلم بحق الشعب لم يجرؤ السياسيون في لبنان على الاقدام عليها.
السياسة في لبنان تعاقب صغار المجرمين واللصوص الذين لا حول لهم ولا قوة. اما المجرمون واللصوص الكبار كانوا دوما فوق المحاسبة وخارج مساحة القانون.
ثالثا: فقدان الجدية الوجدانية والقيم الاخلاقية (MORAL VALUE SYSTEMS) في تنفيذ اي عملية اصلاحية. ان فقدان هاتين القاعدتين عند اية جماعة بشرية هي بمثابة مؤشر حقيقي لضعف الوعي لدى تلك الجماعة البشرية.
نحن بكل اسف كأمة وكجماعة بشرية مسؤولون ايضا عن كل ما نحن فيه من تخلف وفوضى تسكن وجودنا وحياتنا. يقول الامام علي (ع):" كما تكونون يولّى عليكم"؟
فان مواطن يكذب يرضى بمسؤول كذاب. والمواطن الذي يرتكب فعل الرشوة هو الذي يصنع مسؤولا مرتشيا رخيصا. مواطن طائفي – مذهبي هو المكوّن الاساسي لبيئة طائفية ظالمة.
اذا كشعب، نحن المسؤولون الاساسيون عن قيام مجتمع مفكّك غير منظّم وهزيل اخلاقيا.
نحن اكثرية صامتة لأننا اكثرية جاهلة غير جدية وغير منظمة. فالانسان الساكت عن الظلم والقابل بالفوضى والفساد، وهو شريك حقيقي لنشؤ مجتمع مريض. لذلك نحن شعب بحاجة الى عاصفة اخلاق وعلم وجدية تهز كياننا وتيقظنا من غيبوبتنا وتقتلع منا روح اللامبالاة وذهنية "حلّت عن ضهري بسيطة" التي تعشعش في عقولنا ونفوسنا منذ عشرات السنين. (والى ملفات مقبلة)
الأكثر قراءة