كيف نتخلّص من تكلُّس اليدين جذرياً؟
تيري رومانوس
Saturday, 10-Sep-2016 00:01
وهبتنا الحياة جسداً منوطاً بأجزاء وأطراف، تخوّلنا القيام بمختلف الحركات بسهولة، لذا من الواجب الاهتمام بها ورعايتها بغية العيش حياة هنيئة من دون معاناة ولا ألم. وأيادينا هي من أهم الأجزاء التي نستخدمها يومياً فهي عماد طاقتنا وحيويتنا، إذ نتمّم معظم أعمالنا بواسطتها ونتواصل مع الآخرين من خلالها. ولا شك في أنّ التكلّس والالتهابات والحوادث التي تُمنى بها، تؤدي إلى حالات مرضية مؤلمة جداً قد تعوق مسار حياتنا، لذا يجب عدم إهمالها لكي لا يتفاقم وضعها وتصعب معالجتها.
يحدّثنا عن السلبيات التي تلمّ باليدين والمفاصل وسبل معالجتها جذرياً، جرّاح العظم الإختصاصي في اليد والمعصم حتى الكوع، الدكتور تيدي عتيق الذي يعمل في الولايات المتحدة ويزور لبنان كلّ ثلاثة أشهر لإجراء العمليات الجراحية على مدى أسبوع في مستشفى «بيل فو ميديكال سنتر» في المنصورية.

• ما الذي يسبب آلام اليدين والمعصم إجمالاً؟

معروف أنّ أوتار اليدين تربط ما بين عضلات الساعد والمعصم مع العظام الموجودة في الأصابع والإبهام، الأمر الذي يسمح لنا بثني المعصم ومفاصل اليد وتحريك أصابعنا وكذلك الإبهام بسهولة ومن دون مجهود. وتبقى الأوتار في مكانها بفضل وجود الأغشية الليفية، وهي مغطاة بنسيج منزلق يساعدها على الانزلاق بنعومة وليونة.

ونتيجة للإفراط في استخدام المعصم واليدين والأصابع، أو بسبب وجود حالة مرضية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، أو أحياناً، من دون سبب واضح، قد تتعرض الأوتار والأغمدة الوترية للالتهاب والتكلّس والتورّم فتزداد سماكة، مسببة الألم الذي يحد من قابليتها للحركة. وتسمى هذه الحالة التهاب غمد الأوتار.

• ما هي أبرز أعراض الالتهاب؟

أبرز أعراض هذا الالتهاب حدوث ألم في قاعدة الإبهام. وفي بعض الأحيان يمتد الألم ليشمل ساعد اليد، خصوصاً عند الحركة التي تتطلّب تحريك الإبهام والمعصم مثل الإمساك بالأشياء.

وقد يظهر أيضاً تورّمٌ على جهة المعصم من جانب الإبهام، وتصبح الحركات البسيطة مثل رفع كوب الماء أو غطاء السرير أو تقشير الخضار والفاكهة مهمة مستحيلة.

• ممَ ينجم ذلك إجمالاً؟

جراء الإرهاق والاستخدام المفرط للمعصم واليد والأصابع، فقد يؤدّي ذلك للاتهاب الأمر الذي يحدّ من حركة الأوتار. وفي حال استمرّت الأعراض من دون علاج فإنّ الالتهاب والتضيّق المتزايد قد يتسببان في ظهور نتوءات عظمية صغيرة تعوق حركة اليد وتتسبّب بآلام مضنية.

• نسمع بتكلّس ماذا يعني وما هي أسبابه؟

التكلّس هو التهاب يصيب المفاصل واسبابه عديدة، إلّا أن أكثر سبب لظهوره هو التقدّم في السن، أي عندما تحدث لدى المسن تغيُّرات في بنية المفصل فيخسر مادته الغضروفية التي تسهل حركته وانثناءاته، فيحتّك العظم على العظم ما يسبب التهاباً يرافقه ألم مبرح.

والسبب الثاني هو تعرّض أيّ شخص مهما كان عمره، لكسر في الأصبع أو المعصم قريب من المفصل، ما يجعل المادة الغضروفية تتضاءل بسرعة حتى ولو كان الشخص هذا يافعاً أو في ريعان الشباب إذ لا علاقة لذلك بالتقدم في السن، ما يجعل العظم يحتك على العظم، فيعرّض المريض للألم كلما حرَّك يده.

أما السبب الثالث فمردّه الى أمراض التكلّس الالتهابية والمعروفة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهو عبارة عن التهاب يصيب المفاصل في أجزاء الجسم المختلفة بصورة متوازية في الجانبين الأيمن والأيسر، ويؤثر في غالبية الأوقات على مفاصل اليد الصغيرة إذ تتآكل بسببه المادة الغضروفية ويتلف الغشاء الذي يربط بين العظام والمفاصل، ويُعد أحد أهم أنواع الإلتهابات المسببة للآلام المبرحة. وهذا النوع من التكلّس يمكن أن يحصل في سن صغيرة، إذ هناك احتمال كبير أن يكون وراثياً أيضاً فإذا كانت الأم مصابة به يمكن أن تنقله وراثياً لابنتها.

وأكرّر أنّ التكلّس او التهاب المفاصل يمكن أن يحدث في أيّ مرحلة عمرية وليس بالضرورة أن تكون أسبابه متعلّقة بالتقدّم في السن، وهو يُعد أحد أكثر المشاكل الطبّية شيوعاً في العالم ويمكن أن يكون وراثياً مثلما قلنا، وتختلف أسبابه وأعراضه وسبل علاجاته.

• ما هو علاج تكلس مفاصل الأصابع والمفصل؟

في البدء من البديهي أن يزور المريض الطبيب الإختصاصي ليتخلّص من آلامه. فنعمد أولاً الى إجراء صورة تُظهر تكلّس الأصابع وتحدّده. فنتأكّد أنّ المفصل لم يعد كما كان في السابق، وأنّ المسافة بين العظام باتت أقرب الى بعضها البعض، واعترت الأصبع التشوّهات كنموّ «عظام» صغيرة وإضافية على جوانب المفصل، علماً أنها لا تكف عن النموّ وتؤلم صاحبها كثيراً. وككلّ الأمراض يكمن العلاج الأوَّلي بتغطيس اليدين بالماءالساخن المضاف إليه الملح الإنكليزي ونَصِف للمريض أدوية مضاداة للالتهاب.

ونشير عليه بوضع ربطة مطاطية على المفصل المؤلم ليلاً، وقد نعطيه حقن كورتيزون إن تتطلّب وضعه الصحي. وإذا لم يشعر بتحسّن رغم كلّ تلك التدبيرات العلاجية، لا بد ساعتئذٍ من إجراء عملية جراحية.

• على أيّ أساس تتقرَّر العملية الجراحية؟

في الواقع، حسب المفصل الذي يؤلم المريض يتقرَّر أيّ نوع من العملية الجراحية يجب إخضاع المريض لها. فإذا كان المفصل الأول بعد الظفر، نتخلَّص عادة من المفصل ونعمد الى جعل العظمتين متصلتين أي عظمة واحدة بحيث ندسّ قضيباً معدنياً في الأصبع لمدة 8 أسابيع فتلتحم العظمتان مع بعضهما البعض ولا يعود المريض قادراً على تحريك العظمتين لأنهما تصبحان عظمة واحدة لا مفصل لها لكنه في المقابل يتخلّص من الألم والتكلّس. أما بالنسبة للمفصل الوسطي، كذلك إما نلغي المفصل ونجعل العظمتين متلاحمتين أي عظمة واحدة أو نغيّر المفصل على غرار ما يفعله الجراحون بمفصلي الورك والركبة، عبر استبداله بجهاز مصنوع من السيليكون يُسمّى «سيليكون إمبلانت» وهو الذي يدأب على تأمين حركة العظمتين.

وكذلك الأمر بالنسبة للإبهام كذلك نعمد الى إزالة العظم المتكلِّس ونستبدل المفصل بـ «سيليكون إمبلانت». وفي ما يتعلّق بالمعصم فإما نلغي المفصل ونجعل العظمتين متلاحمتين أو نستبدله بـقضيبين معدنيّين نضعهما

على جانبي المعصم مع جهاز بلاستيكي في الوسط على غرار الورك والركبة ويصبح للمريض مفصل جديد ويحرّك يده من دون ألم ولا تأوُّهات.

• هل يستعيد المريض حياته بشكل طبيعي؟

طبعاً بعد الجراحة، يحتاج لفترة يخضع فيها للعلاج الفيزيائي للتدرّب على تحريك الأصابع والمعصم. وبعد العلاج الفيزيائي واختفاء الألم والالتهاب بفضل العملية، يستطيع تحريك أصابعه والمعصم بشكل شبه طبيعي.

• ما هي نصائحك دكتور للوقاية من التكلّس والالتهابات؟

يمكن للوقاية أن تساهم في منع الالتهاب من التطوّر في المستقبل. لذا ننصح باعتماد الوضعية الصحيحة أثناء العمل أمام شاشة الكومبيوتر والمحافظة على المعصمين في وضع مستقيم، وباستخدام لوحة مفاتيح مريحة. ومن وقت لآخر، القيام بمدّ المعصمين ومطّهما «ستريتشينغ» قبل البدء بأيّ مهمة تتطلّب تشغيل اليدين والأصابع، ومن الضروري أخذ فترات راحة.

كذلك ضرورة تثبيت الساعد برفق على الطاولة، ثمّ فتح وثني أصابع اليد بلطف لمدة. وننصح أيضاً بتقوية عضلات الساعد وفي حال كانت آلام المعصم معتدلة، يمكن وضع ربطة مطاطية، لبضعة أيام على مكان الألم، خلال النهار أو أثناء الليل لمدة ثلاثة أسابيع.
الأكثر قراءة