لرجال الدين صورة أخرى... ما هي رمزية رتبة غسل الأرجُل؟
راكيل عتيِّق
Thursday, 24-Mar-2016 00:04
اضمحلّ الإنبهار برجال الدين واحترامهم بشكلٍ مطلق مع الزمن، وأصبح رجالُ الدين في طوائف معيّنة يتّهمون بالتطرّف والتعصّب وزرع الأفكار الإرهابية في نفوس وعقول المراهقين. وفي طوائف أخرى يُتّهمون بالابتعاد عن رسالتهم الأساسية والانجذاب إلى الملذّات المادية متناسين هموم الناس ومشكلاتهم. وفي ظلّ هذه الصورة الجزئية هناك صورة أخرى لرجال الدين وعنهم، صورة متحرّرة من أطر الفرض والقمع.
يعيش المسيحيون في لبنان الذين يتّبعون التقويم الغربي هذا الأسبوع آلام السيد المسيح، ويتضمّن أسبوع الآلام رُتَباً وطقوساً عدّة، يطبّقها البعض وراثياً تقليدياً من دون أن يعي رمزيتها. ولتبيان رمزيّتها ومعناها أجرينا حواراً «روحيّاً» مع الكاهن هاني طوق، كما للاطلاع على نشاطاته «المجنونة».
رمزية رتبة الغسل
الأب هاني طوق هو كاهن رعية بشري، إلّا أنه يُعطي وقته للعلم والدراسة والشبيبة. درس اللاهوت والفلسفة، والعلوم السياسية، والقانون الدولي، وهو أستاذ في مدرسة اللعازارية في زوق مكايل وأستاذ محاضر بالقانون الدولي في جامعة الروح القدس-الكسليك. ورغم أنه متزوِّج ولديه 4 أولاد، إلّا أنّه يُعرَف بنشاطاته الكثيرة مع الشباب في الطبيعة.
عن رتبة الغسل التي تقيمها الكنيسة يوم الخميس من أسبوع الآلام يقول طوق إنّها «رتبة رمزية، فقديماً قبل المسيحية كان يسارع الخدم عند مجيء السّيد أو صاحب المنزل إلى غسل رجليه لأنه كان يمشي حافي القدمين أو ينتعل حذاءاً مفتوحاً، كما كان يُعتبر أنّ أهم استقبال للضيف غسل رجليه. لذلك قبل حمله الصليب قال الرب يسوع لتلاميذه جئت لأخدم لا لأُخدَم، والعلامة على ذلك أنني أنا سأكون خادمكم وسأغسل أرجلكم».
ويؤكّد أنّ «رتبة الغسل هي علامة على أنّ المسيحي هو في خدمة هذا العالم والطبيعة والكون، لذلك خميس الغسل هو لكي نتذكّر أننا على صورة ومثال الرب خادم هذا العالم».
عن الشكليات والتقاليد العديدة في المناسبات والأعياد المسيحية، يعطي طوق مثلاً بسيطاً واقعياً، فيقول «في كلّ علاقة غرامية بين شخصين، يكون الغرام داخل قلب الإنسان، لكنّ تعبيره عن ذلك من خلال وردة أو هدية أو قصيدة... يُفرح الآخر، وهذا لا يعني أنّ الوردة هي الغرام بل تعبير عن الغرام وعن الحقيقة غير المنظورة، وكذلك ما تقوم به الكنيسة هو علامات منظورة تعبّر عن حقيقة إيماننا بالرب».
الصومُ جزءٌ من كلّ
بالنسبة للصوم، يعتبر الأب طوق أنّه «وُضِعَ من أجل التنظيم وليس فرضاً، ويمكن للإنسان الصوم في أيّ يوم من السنة، لكنّ الكنيسة نظّمته في فترة محدّدة كي تكون الجماعة المسيحية بأجمعها مجتمعة عبر مسيرة للوصول إلى الاحتفال بالقيامة».
وعن أشكال الصوم والتساهل به، يرى أنّه «لا يمكن التمسّك بالأفكار نفسها بل يجب التطوّر والتحديث، فالتطبيق والعيش الإيماني يتبدّل ويتغيّر مع تبدّل الحياة الاجتماعية، لكنّ الإيمان هو ذاته لأنّ المسيح هو ذاته البارحة واليوم وغداً».
وعن عدم ترافق صوم البعض مع الصلاة والأعمال الخيرية، يشير إلى أنّ «الصوم عن الطعام هو جزءٌ من كلّ، ولا يمكن للجزء أن يكون الكلّ، والهدف منه هو أن يكون الشخص ضمن جوّ وإطار تحضير نفسه للعبور مع الرب».
أسبوع الآلام في الطبيعة
الأب هاني طوق يقيم نشاطاتٍ كثيرة مع الشبيبة من مختلف الأديان والطوائف في الطبيعة، منها «مسيرة درب القمر» التي سار خلالها مع مجموعة من الشباب في جبال الأرز الملتحفة بالثلج لحوالى 11 كم في ظلّ درجة حرارة وصلت إلى 7 تحت الصفر.
وفي هذا الإطار وضمن نشاطات أسبوع الآلام، يقيم الأب طوق مع 60 شخصاً، من الأربعاء إلى الأحد في دير سيدة قنوبين في «الوادي المقدس» في بشري، حيث يقومون برتب أسبوع الآلام: رتبة الغسل، جنّاز المسيح، سبت النور، الاحتفال بأحد القيامة بقداس منتصف ليل السبت-الأحد، وقداس الفصح يوم الأحد».
أما نهار الجمعة فسيشارك ما يقارب الـ200 شخص بجناز المسيح فيسيرون على طريق ترابي في الوادي، والمشاركة بهذا النشاط أو غيره مفتوحة لكلّ من يريد. ويعلن الأب طوق «سنقوم أيضاً بنوع من تقليد بقطف الزهور من البرّية وتقديمها لتسجد أمام يسوع رب البرّية، والهدف من هذا التقليد تبيان أنّ كلَّ العناصر في الطبيعة وكلَّ الذات الإنسانية تسجد للملك العظيم الذي يقدّم نفسه من أجل الإنسانية».
ويتابع: «سنكون مع بعضنا البعض من دون الهواتف الخلوية، في انقطاع شبه تام عن العالم والناس للابتعاد من الضجيج الذي يعيشه الإنسان وليشعر أنه في الطبيعة أقرب إلى الله».
كن نفسك
يتميّز الأب طوق بأفكاره المتقدّمة وتقديسه للحرية، ويعتبر أنّه «لا يمكن أن نقاتل من أجل الحرية ومن ثمّ نقوم بتجزئتها، والحرية تحمل وجهين وهي سيف ذو حدّين، فكما أقبَل الشقّ الايجابي منها الذي يعطي معنى للبنان ولمسيحيّتي، عليّ أن أقبل الوجه السلبي منها مثل أنه من الممكن أن يذهب ابني إلى مكان لا أريده... لكنّ الحرية لا تُبنى على القمع بل بالتربية، وبتقديم الأفكار». ويتابع «حرية الخيار نابعة من عمق الإنجيل»، مضيفاً «أقول بصوتٍ عالٍ إذا أخذتني العبودية إلى السماء فأنا أفضّل الحرية والذهاب إلى جهنم».
ويتوجّه طوق إلى الشباب، قائلاً: «أشجّعكم كي تقوموا بوقفات روحية في الطبيعة، لاكتشاف حقيقة ذاتكم من الداخل، وأدعوكم إلى المغامرة وأن لا تكونوا مثل أيّ أحد آخر بل أن يكون كلّ فرد منكم نفسه وأفكاره، حتى لو كان مجنوناً فالتاريخ يحبّ المجانين».
رمزية رتبة الغسل
الأب هاني طوق هو كاهن رعية بشري، إلّا أنه يُعطي وقته للعلم والدراسة والشبيبة. درس اللاهوت والفلسفة، والعلوم السياسية، والقانون الدولي، وهو أستاذ في مدرسة اللعازارية في زوق مكايل وأستاذ محاضر بالقانون الدولي في جامعة الروح القدس-الكسليك. ورغم أنه متزوِّج ولديه 4 أولاد، إلّا أنّه يُعرَف بنشاطاته الكثيرة مع الشباب في الطبيعة.
عن رتبة الغسل التي تقيمها الكنيسة يوم الخميس من أسبوع الآلام يقول طوق إنّها «رتبة رمزية، فقديماً قبل المسيحية كان يسارع الخدم عند مجيء السّيد أو صاحب المنزل إلى غسل رجليه لأنه كان يمشي حافي القدمين أو ينتعل حذاءاً مفتوحاً، كما كان يُعتبر أنّ أهم استقبال للضيف غسل رجليه. لذلك قبل حمله الصليب قال الرب يسوع لتلاميذه جئت لأخدم لا لأُخدَم، والعلامة على ذلك أنني أنا سأكون خادمكم وسأغسل أرجلكم».
ويؤكّد أنّ «رتبة الغسل هي علامة على أنّ المسيحي هو في خدمة هذا العالم والطبيعة والكون، لذلك خميس الغسل هو لكي نتذكّر أننا على صورة ومثال الرب خادم هذا العالم».
عن الشكليات والتقاليد العديدة في المناسبات والأعياد المسيحية، يعطي طوق مثلاً بسيطاً واقعياً، فيقول «في كلّ علاقة غرامية بين شخصين، يكون الغرام داخل قلب الإنسان، لكنّ تعبيره عن ذلك من خلال وردة أو هدية أو قصيدة... يُفرح الآخر، وهذا لا يعني أنّ الوردة هي الغرام بل تعبير عن الغرام وعن الحقيقة غير المنظورة، وكذلك ما تقوم به الكنيسة هو علامات منظورة تعبّر عن حقيقة إيماننا بالرب».
الصومُ جزءٌ من كلّ
بالنسبة للصوم، يعتبر الأب طوق أنّه «وُضِعَ من أجل التنظيم وليس فرضاً، ويمكن للإنسان الصوم في أيّ يوم من السنة، لكنّ الكنيسة نظّمته في فترة محدّدة كي تكون الجماعة المسيحية بأجمعها مجتمعة عبر مسيرة للوصول إلى الاحتفال بالقيامة».
وعن أشكال الصوم والتساهل به، يرى أنّه «لا يمكن التمسّك بالأفكار نفسها بل يجب التطوّر والتحديث، فالتطبيق والعيش الإيماني يتبدّل ويتغيّر مع تبدّل الحياة الاجتماعية، لكنّ الإيمان هو ذاته لأنّ المسيح هو ذاته البارحة واليوم وغداً».
وعن عدم ترافق صوم البعض مع الصلاة والأعمال الخيرية، يشير إلى أنّ «الصوم عن الطعام هو جزءٌ من كلّ، ولا يمكن للجزء أن يكون الكلّ، والهدف منه هو أن يكون الشخص ضمن جوّ وإطار تحضير نفسه للعبور مع الرب».
أسبوع الآلام في الطبيعة
الأب هاني طوق يقيم نشاطاتٍ كثيرة مع الشبيبة من مختلف الأديان والطوائف في الطبيعة، منها «مسيرة درب القمر» التي سار خلالها مع مجموعة من الشباب في جبال الأرز الملتحفة بالثلج لحوالى 11 كم في ظلّ درجة حرارة وصلت إلى 7 تحت الصفر.
وفي هذا الإطار وضمن نشاطات أسبوع الآلام، يقيم الأب طوق مع 60 شخصاً، من الأربعاء إلى الأحد في دير سيدة قنوبين في «الوادي المقدس» في بشري، حيث يقومون برتب أسبوع الآلام: رتبة الغسل، جنّاز المسيح، سبت النور، الاحتفال بأحد القيامة بقداس منتصف ليل السبت-الأحد، وقداس الفصح يوم الأحد».
أما نهار الجمعة فسيشارك ما يقارب الـ200 شخص بجناز المسيح فيسيرون على طريق ترابي في الوادي، والمشاركة بهذا النشاط أو غيره مفتوحة لكلّ من يريد. ويعلن الأب طوق «سنقوم أيضاً بنوع من تقليد بقطف الزهور من البرّية وتقديمها لتسجد أمام يسوع رب البرّية، والهدف من هذا التقليد تبيان أنّ كلَّ العناصر في الطبيعة وكلَّ الذات الإنسانية تسجد للملك العظيم الذي يقدّم نفسه من أجل الإنسانية».
ويتابع: «سنكون مع بعضنا البعض من دون الهواتف الخلوية، في انقطاع شبه تام عن العالم والناس للابتعاد من الضجيج الذي يعيشه الإنسان وليشعر أنه في الطبيعة أقرب إلى الله».
كن نفسك
يتميّز الأب طوق بأفكاره المتقدّمة وتقديسه للحرية، ويعتبر أنّه «لا يمكن أن نقاتل من أجل الحرية ومن ثمّ نقوم بتجزئتها، والحرية تحمل وجهين وهي سيف ذو حدّين، فكما أقبَل الشقّ الايجابي منها الذي يعطي معنى للبنان ولمسيحيّتي، عليّ أن أقبل الوجه السلبي منها مثل أنه من الممكن أن يذهب ابني إلى مكان لا أريده... لكنّ الحرية لا تُبنى على القمع بل بالتربية، وبتقديم الأفكار». ويتابع «حرية الخيار نابعة من عمق الإنجيل»، مضيفاً «أقول بصوتٍ عالٍ إذا أخذتني العبودية إلى السماء فأنا أفضّل الحرية والذهاب إلى جهنم».
ويتوجّه طوق إلى الشباب، قائلاً: «أشجّعكم كي تقوموا بوقفات روحية في الطبيعة، لاكتشاف حقيقة ذاتكم من الداخل، وأدعوكم إلى المغامرة وأن لا تكونوا مثل أيّ أحد آخر بل أن يكون كلّ فرد منكم نفسه وأفكاره، حتى لو كان مجنوناً فالتاريخ يحبّ المجانين».
الأكثر قراءة