زهرة بنفسجيّة تجتاح العالم
جوزفين عزيزي
Thursday, 23-Apr-2015 00:05
100 عام مرّت على الإبادة التي تعرّض لها الشعب الأرمني على يد العثمانيين، والتي كبّدته ما يزيد عن المليون ونصف شهيد، إضافة الى ملايين المهجّرين الذين قصدوا أصقاع العالم. وفي الذكرى المئوية الأولى، تحرّكت الجالية الأرمنية في أنحاء العالم وبدأت التحضير للذكرى الأكبر، مستخدمة وسائل التواصل المختلفة.
زهرة بنفسجية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك آلاف مؤلّفة جعلتها صورتها الشخصية. ولمن يتساءلون عن دلالة هذه الزهرة، نخبركم أنها شعار حملة الذكرى المئوية الأولى (1915-2015) للإبادة الأرمنية، وترافقه في معظم الأحيان عبارة “أنا أتذكّر… وأطالب” المترجمة الى مختلف اللغات.

الزهرة البنفسجية فيها 5 أوراق تدلّ على قارات العالم التي انتشر فيها الأرمن إثر المجازر. وهي تتكوّن فعلياً من 4 ألوان، كلّ منها يحمل معنى خاصاً به، فاللون الأسود يدلّ على المآسي التي تعرّض لها الشعب الأرمني، أيْ الماضي، فيما يمثل اللون البنفسجي الفاتح المشاركة في نشر هذه الفكرة التوحيدية، أيْ الحاضر، أمّا اللون الأصفر فيرمز للشمس كباعث للأمل والرغبة بالحياة.

وفيما يتعلّق باللون الرئيس للشعار، أيْ البنفسجي الغامق، فقد اختير نظراً لاستخدامه على نطاق واسع في أثواب الكهنة في الكنيسة الأرمنية، وهو يدلّ على الروح والذات الأرمنية، أيْ المستقبل.

وكانت الحملة قد انطلقت عالميّاً منذ قرابة الشهر، ولعلّ أبرز ما انتشر عبر الانترنت كان مشروع “100 ثانية” والذي يتألّف من 24 شريط فيديو مدّة كلّ منها 100 ثانية، وفي كلّ فيديو حكاية مأخوذة من شهادات الناجين من الإبادة الأرمنية، يقرأها أشخاص مؤثّرون في بلدانهم وفي العالم، من بينهم كتّاب وصحافيون وموسيقيون ومخرجون وممثلون.

إضافة الى ذلك تغصّ مواقع التواصل الاجتماعي بالصور التي تؤرّخ المجازر وتحيي الذكرى المئوية في آن، ترافقها عبارات تدعو تركيا للإعتراف بالإبادة، فيما لاقى فيديو بعنوان “100 سنة من العار” انتشاراً كبيراً بين روّاد مواقع التواصل الإجتماعي، وهو يلخّص في 100 ثانية ما لحق بالشعب الأرمني من تنكيل وإعدامات وتعذيب، عبر 100 صورة تفوق ما نراه اليوم من ممارسات “داعش” بشاعة وإجراماً.

وفي لبنان، كما العالم، لم يكن النشاط الالكتروني أقلّ شأناً، فقد اجتاحت الزهرة البنفسجية صفحات روّاد العالم الرقمي، كما زيّنت شوارع المناطق عموماً، خصوصاً تلك التي يسكنها الأرمن، مثل منطقة برج حمود.

وفي مبادرة تضامنية، عمدت مؤسّسات تجارية ومصارف عاملة في تلك المناطق الى تزيين واجهاتها بشعار “الزهرة”، وأخرى أضافت عبارة “أنا اتذكّر… وأطالب”، في حين لوحظ تعديل في شعارات بعض المؤسّسات لتتضمّن الزهرة البنفسجية، بينما خصّص عدد منها إعلانات تحمل شعار الذكرى. هذا ويستمرّ الحشد للتحضير للمسيرة التي تنطلق غداً بغية تأمين أكبر عدد من المشاركين من اللبنانيين.

أما على الصعيد الإعلامي، فلا بدّ من الاعتراف أنّ هناك تقصيراً كبيراً فيما يتعلّق بقضية الشعب الأرمني، وهو مكوّن رئيس وفعال في نسيج مجتمعنا اللبناني، ولولا إعلان وزير التربية والتعليم العالي إقفال المدارس يومَ غد، لكان قسم كبير من اللبنانيين لا يدري أساساً أنّ 24 نيسان هو ذكرى الإبادة.

صحيحٌ أنّ ثمة محطات تلفزيونية خصّصت حلقات خاصة من برامجها لتتكلّم عن هذه المناسبة، غير أنّ ذلك غيرُ كافٍ إطلاقاً، خصوصاً أنّ هناك مئات الأفلام الوثائقية والتقارير الجاهزة والمعدّة خلال 100 عام يمكن الاستعانة بها وبثّها في حال عدم تحضير برامج خاصة لهذه القضية، فهذا أقلّ ما يمكن تقديمه احتراماً لمعاناة وتضحيات الشعب الأرمني الذي يجب انصافه ودعمه في قضيته في الطرق كافة وأهمّها الإعلام.
الأكثر قراءة