أنطوان منسى رئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين الفرنسيين
Wednesday, 17-Dec-2025 12:25
كي لا ننسى: لماذا يجب أن يصبح 7 آذار يوماً وطنياً للحِداد؟

في 7 آذار/مارس 2020، أعلنَت الحكومة اللبنانية أول تخلّف عن سداد ديونها، والمتمثّل بعدم دفع استحقاقات سندات اليوروبوند بقيمة 1.2 مليار دولار أميركي، وذلك من دون إعادة هيكلة الدين العام تجاه الدائنين بما يخدم المصلحة الوطنية، ولا إعادة تنظيم الالتزامات المالية المعلّقة، التي لا تزال عالقة حتى اليوم.

 

ومن المعروف أن الدولة التي تحترم التزاماتها تسدّد ديونها عند حلول آجالها، بما يرسّخ الثقة ويعزّز مصداقيتها لدى دائنيها، أو تلجأ، في الحد الأدنى، إلى إعادة التفاوض على جدولة ديونها وتمديد فترات السداد عند تعذّر الوفاء.

 

وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في حزيران/يونيو 2023، كان القطاع المصرفي اللبناني يمتلك عام 2017 أصولاً كافية بالعملات الأجنبية لتغطية معظم الودائع بالعملات الأجنبية. كما كان مصرف لبنان يحتفظ، إلى جانب احتياطاته من الذهب، بنحو 30.5 مليار دولار من الاحتياطات النقدية في نهاية شباط/فبراير 2020، أي قبل أسبوع واحد فقط من قرار التخلّف عن السداد، وهو أعلى مستوى عالمي نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الدول ذات التصنيف الائتماني المماثل للبنان آنذاك.

 

وفي هذا السياق، لا بد من التوقف عند مرحلة ما بعد احتجاجات 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث لم يُقدم مجلس الوزراء على الاجتماع لإقرار ضوابط رسمية على حركة رؤوس الأموال، على غرار الإجراءات التي اتُّخذت في مراحل سابقة، ولا سيما بعد حرب عام 1967، وانهيار بنك إنترا، وعقب عملية «غيفت» التي استهدفت مطار بيروت أواخر عام 1968، في حين أقدمت المصارف، بصورة منفردة، على إغلاق أبوابها أمام المودعين.

 

ويُطرح في هذا الإطار تساؤل حول الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة آنذاك إلى عدم إقرار قانون ضبط رؤوس الأموال في ذروة انتفاضة «17 تشرين»، رغم الواقع النقدي والمالي الدقيق. وتشير المعطيات المتوافرة اليوم إلى أن هذه الأسباب بدأت تتكشف تباعاً مع مرور الوقت.

 

وعلى مدى السنوات الست الماضية، صدرت تصريحات متكررة ومضلِّلة أسهمت في تضليل الرأي العام، في إطار سياسة هدفت إلى حجب الوقائع. إذ روّج مستشارون رسميون لطرح مفاده أن لبنان كان يحتاج إلى نحو تسعة مليارات دولار على مدى عامين لتغطية استحقاقات اليوروبوند وسائر الديون، بحجة حماية المودعين وضمان حد أدنى قدره 500 ألف دولار لكل مودع. غير أن هذا الطرح أغفل حقيقة أساسية، وهي أن الجهات نفسها كانت قد وافقت، في تلك المرحلة، على تقديم دعم مالي قارَب 12 مليار دولار.

 

غير أن جوهر الأزمة يكمن في مسألة أخرى، إذ إن السلطتين التنفيذية والتشريعية تبادلتا المسؤوليات على مدى ست سنوات، من دون تفعيل أو احترام المادة 113 من قانون النقد والتسليف، التي تُلزم الدولة بتغطية الخسائر التي تسببت بها لمصرف لبنان. وفي ظل هذا الواقع، جرى البحث عن «كبش فداء» لتحميله المسؤولية، بما أتاح للعديد من المسؤولين تحويل الأنظار عن مكامن الخلل الحقيقية والبقاء في مواقعهم.

 

اليوم، ومع سقوط الأقنعة، باتت الحقائق أوضح، ولم يعد الرأي العام مخدوعاً. ومن منطلق واجب الذاكرة والمسؤولية الوطنية، يبرز مطلب إعلان السابع من آذار يوماً للحِداد الوطني في لبنان، بقرار يصدر عن مجلس الوزراء والقيادات الجديدة، صوناً لحقوق الأجيال المقبلة واستخلاصاً للعِبر.